تنبيه: فيه تقاريب أخر لمساوقة الشكّ في الحجّية مع القطع بعدمها
هذا تقريبنا لمساوقة الشكّ في الحجّية مع القطع بعدمها. و يظهر من العلاّمتين:
الخراسانيّ، و الأصفهاني (قدّس سرّهما) وجه آخر [1] و لو لم يرتض به الثاني (رحمه اللَّه): و هو أنّ من انتفاء آثار الحجّية، يستكشف حال الموضوع، و هو الحجّية، و اللاحجّية، فيقطع بعدم الحجّية بالبرهان الإنّي.
أقول: انتفاء آثار الحجّية عن مشكوك الحجّة واضح، لأنّ الكبريات تحتاج إلى الصغريات حتّى يترتّب عليها آثارها بالضرورة، و هذا من القضايا التي قياساتها معها، و أمّا الملازمة بين انتفاء الآثار و عدم الحجّية الواقعيّة، فيحتاج إلى بيان جديد.
مثلا: انتفاء آثار العلم عن مشكوك العلم قطعيّ، بمعنى عدم تنجّزها، و لكنّ ذلك لا ينافي كونه عالما بحسب الواقع. و لو قلنا بعدم ثبوتها له واقعا، فأيضا لا يلزم انتفاء كونه عالما، كما هو الواضح.
نعم، إذا ضمّ إليه المقدّمة الأخيرة: و هي أنّ انتفاء الآثار عن مثل الحجّية التي لا واقعيّة لها بعد الفحص و عدم الظفر بها، يلازم انتفاء الحجّية، يتمّ المطلوب. و من هنا يظهر ما في حاشية العلاّمة المحشّي (قدّس سرّه) [2].
و إن شئت قلت: انتفاء الآثار و الأحكام، لا يستلزم انتفاء المؤثّر في مسألتنا، لعدم السببيّة و المسببيّة في البين، فما هو المهمّ هو أنّ الحجّية ليست إلاّ التنجيز و التعذير، فإذا كانا منتفيين عند الشكّ فلا حجّة قطعا.
فتبيّن: أنّ التنجيز و التعذير ليسا حكمين، و لا أثرين، بل هما نفس عنوان «الحجّية» في مقام الإجمال و «الحجّية» تفسّر بهما في مقام التفصيل، فاغتنم.
[1]- كفاية الأصول: 322، نهاية الدراية 3: 164- 165.