فبالجملة: عدم إمكان تصوير الأحكام الفعلية على الإطلاق في موارد الخطأ، و عدم صحة اشتراك الكل فيها، لا يختص بالصورة المعروفة في كلماتهم، بل تشترك فيها هذه الصورة أيضا، فلا بد من حل المعضلة على شتى خواصها.
فذلكة البحث و عصارى الغائلة
إن ترشح الإرادة الواقعية الجدية بالنسبة إلى الحكم الواقعي، و ترشح الإرادة الجدية الأخرى بالقياس إلى إمضاء أو تأسيس ما يؤدي إلى خلاف الإرادة الأولى، مع الالتفات إلى التخلف المزبور، غير معقول، ففي جميع موارد الأمارات و الأصول لا يعقل ذلك، و يلزم باعتبار آخر و نظر ثان اجتماع النقيضين، فإن من إيجاب العمل بالطرق، و الارتضاء بإمضاء الأمارات، و جعل الحجية، يلزم- تبعا لهذه الإرادة- انتفاء الإرادة الإيجابية و التحريمية النفسيّة الأولية، فلازم الجمع بينهما وجودها و عدمها.
كما أن ارتفاع النقيضين ظاهر حديث الرفع [1]، فإن مقتضى الاشتراك وجود الإرادة التحريمية بالنسبة إلى ملاك الجاهل، و مقتضى حديث الرفع عدمها، فلا بد من حل ذلك، و لأجله اتخذ كل منهم مهربا و طريقا، و نحن نشير إلى بعض الوجوه المستند إليها لحل هذه الغائلة.
أجوبة الأصحاب عن المشكلة و نقدها
و غير خفي: أن الأجوبة الموجودة في كتب الأصحاب، بين ما هو جواب عن جميع موارد الإشكال، و ما هو جواب عن خصوص الأمارات و الطرق، و ما هو جواب عن خصوص الأصول.
[1]- الخصال: 417- 9، وسائل الشيعة 15: 369، كتاب الجهاد، أبواب جهاد النّفس، الباب 56، الحديث 1.