و بالجملة: غاية ما أفاده: «هو أن الأمور الخارجية مما تتعلق بها الإرادة و الاختيار، كالقيام، و القعود، و الحركة، و أمثالها مما يسانخها، و أما الأمور الذهنية- كالحب، و البغض، و الخوف، و الرجاء، و منها: عقد القلب و البناء القلبي و الموافقة الالتزامية- فهي ليست مورد الإرادة و الاختيار، فلا يعقل مع العلم بعدم وجود الأسد في الدار، الخوف منه، و لا مع العلم بوجوده و حصول الخوف، عقد القلب على عدم الخوف بالضرورة.
و هكذا فيما نحن فيه، فإن المكلف إن كان عالما بالتكليف، فلا يعقل عقد القلب على عدمه، حتى يجب عليه عقد القلب تكليفا، و إذا كان عالما بعدم وجود تكليف في الشرع، لا يعقل عقد القلب على وجوده، و لذلك لا يعقل أيضا التشريع بمعناه الواقعي.
و ما قد يتوهم: من أن قوله تعالى: وَ جَحَدُوا بِها وَ اسْتَيْقَنَتْها أَنْفُسُهُمْ[1] دليل على إمكانه [2]، غير صحيح، لأن الامتناع العقلي لا يرتفع بظاهر الكتاب و السنة. مع احتمال كون النّظر في الآية الشريفة إلى الجحود اللفظي و العملي، لا القلبي و الذهني كما لا يخفى.
أقول: المراد من «الموافقة الالتزامية» ليس عبارة أخرى عن العلم بالأحكام الشرعية، و الاعتقاد بما جاء به النبي (صلى اللَّه عليه و آله و سلم) فإنه أمر لا يخص به المكلف الخاصّ، بل يشترك فيه جميع الناس، سواء كان الحكم مرتبطا به، أو مرتبطا بنساء الأمة، و سواء فيه الواجبات، و المستحبات، و غيرها.
و أيضا: ليس المراد من «الموافقة الالتزامية» عبارة أخرى عن عقد القلب