حمل «اليقين» المأخوذ في الدليل على هذه الصفة، فإن وصف القطع الواضح، هو كونه طريقا و أمارة و كاشفا، و التنجيز و التعذير من الاعتبارات العقلائية المترتبة على هذه الكاشفية، فما دام لم تقم قرينة على ذلك، يتعين حمل «القطع» المأخوذ موضوعا على الطريقية بالضرورة عرفا.
فما اشتهر بين المتأخرين، من قيامه مقام القطع الطريقي إذا كان أصلا منجزا [1]، غير صحيح، و مجرد قولهم: «إنه من الأصول المحرزة [2]، لا يتم إلا برجوعه إلى أن الشرع اعتبر بقاء اليقين في ظرف الشك، أو اعتبر التعبد باليقين المماثل لليقين الأول في الآثار، لأن صفة الإحراز من تبعات اليقين، لا المتيقن، فالقول بأن الاستصحاب من الأصول المحرزة، معناه في الحقيقة: أنه أمارة تأسيسية شرعية، باعتبار التعبد الّذي أمره بيد الشرع سعة و ضيقا.
بقي أمر آخر:
إذا كان القطع مأخوذا في الموضوع على وجه يكون قيدا و جزء، مثلا إذا ورد «الخمر المتيقنة خمريتها حرام» ففيما يقوم الدليل على نفوذ الأمارات العقلائية، يمكن أن يحكم بحرمة الخمر القائمة على خمريتها إحدى الأمارات الممضاة، لأنه بعد قيامها عليها ينتزع «أن هذه الخمر متيقنة الخمرية».
و أما كفاية الاستصحاب عن ذلك [3] فتمنع، لأن الأصل لا يفي إلا بإثبات أن ما في الخارج هو الخمر، و أما انتزاع الصفة المزبورة بعد قيام الأصل، فيكون من لوازم الأصل بعد جريانه و نفوذه، و إثبات هذه اللوازم به ممنوع، ضرورة أن التعبد