فعلى ما تبيّن و اتضح ظهر: أنّ ما يوهمه عنوان الأصحاب رحمهم اللَّه من تداخل الأسباب بما هي أسباب [1]، في غير محلّه، ضرورة امتناع تداخلها مع الإقرار بالسببيّة المستقلّة، فالمقصود هو تداخل ذواتها في السببيّة، و اجتماعهما في التأثير مثلا.
الأمر الثاني: في أنحاء تداخل المسبّبات
ربّما يقال: إنّ البحث في تداخل الأسباب إذا انتهى إلى أصالة عدم التداخل، فيكون البحث في تداخل المسبّبات على وجه الرخصة، و إذا انتهى إلى أصالة التداخل فيها، فيكون التداخل في مرحلة الامتثال و المسبّبات على وجه العزيمة [2].
مثلا: إذا ورد الأمر بالصلاة عقيب كلّ واحد من الزلزلة و الخسوف، فقال: «إذا تزلزلت الأرض فصلّ ركعتين» و «إذا انخسف القمر صلّ ركعتين» فعلى القول بالتداخل بين الأسباب يكون الواجب واحدا، و لا يجوز حينئذ الصلاة في مقام الامتثال مرارا، لأنّه من الصلاة بلا أمر.
و على القول بعدم التداخل يتعدّد الوجوب و الواجب، و يكون المكلّف ذمّته مشغولة بالصلاتين، و حينئذ إن قلنا بتداخل المسبّبات يجوز له الاكتفاء بواحدة، كما يجوز له التكرار، فيكون له الرخصة في ذلك.
و إن قلنا بعدم تداخلها يتعيّن عليه التكرار.
أقول: قضيّة التداخل في المسببات مختلفة، فإن قلنا: بأنّ المسبّب المتعدّد وجوبا غير متعدّد لونا و خصوصيّة، فيكون الامتثال الأوّل مجزيا قهرا، و إن قلنا: بأنّه