للهيئة، فتلزم المجازية بنفي المفهوم، كما لا يثبت المفهوم بمقدّمات الإطلاق. و من ذلك آية النبأ، فإنّ فيها تعليل الحكم بلزوم التبيّن بقوله تعالى مثلا: تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهالَةٍ[1].
و من الممكن دعوى: أنّ ظهور المقدّم في العلّية مع ظهور حرف التعليل فيها، يجتمعان في أنّ العلّة هو المجيء و العلم معا، و يثبت الانحصار بمقدّمات الإطلاق على القول بها. إلاّ أنّها دعوى بلا بيّنة و لا برهان، و لا يساعدها العرف و لا الوجدان، فيكون المجيء توطئة في القضيّة من غير دخالة له فيها، و يكون تمام العلّة هو العلم، فافهم و انتظر.
التنبيه الثالث: في المراد من العلّة المنحصرة
ليس المراد من «العليّة المنحصرة» الانحصار الحقيقيّ حتّى يقال: بامتناع تقييد المفهوم أو المنطوق، بل المراد من «الانحصار» هو الانحصار الأعمّ منه و من الإضافيّ، فإذا ورد ابتداء «إن جاءك زيد و ضيفك فأكرمه» فمفهومه نفي الوجوب عند انتفاء كليهما، و حصر العلّية فيهما بإثبات أنّ كلّ واحد علّة تامّة، و لا عليّة لشيء آخر وراءهما، أو إرجاعهما إلى واحد، بتوهّم امتناع تعدّدها مع وحدته.
و بناء على هذا، إن كان المفهوم مستفادا من الدلالة الوضعيّة المدّعاة لأداة الشرط أو للهيئة، يلزم المجازيّة إذا ورد التقييد على المفهوم، للزوم استعمالها في غير ما وضعت له.
و إن كان مستفادا من الإطلاق كما عرفت [2]، فلا تلزم المجازيّة، و يكون القيد