اعلم: أنّ من فروض هذه الصورة الرئيسة، و من الأقسام المتصوّرة من الناحية الأخرى غير النواحي السابقة، أنّ هذا المطلق المشتمل على الأمر، و المقيّد المشتمل على النهي، تارة: يكونان متعلّقين بالوجود الساري.
و أخرى: بالوجود الصرف.
و ثالثة: يختلفان، فيكون المطلق متعلّقا بالوجود الصرف، دون المقيّد، أو العكس.
و ما كان من بين هذه الصور صورة رئيسة محلّ الكلام، و هي المتعارفة: أنّ الأمر متعلّق بصرف الوجود، و النهي متعلّق بالوجود الساري، على حسب المصطلحات، و إلاّ فما هو حقيقة متعلّق الأمر هي الطبيعة، إلاّ أنّ ذلك من نتائجهما العقليّة و العرفيّة، فالذي لا شبهة عندهم و يقتضيه الوجه الصحيح، هو حمل المطلق على المقيّد في الصورة الرئيسة [1].
و لو انعكس الأمر، بأن يكون مفاد المطلق هو الوجود الساري، كما إذا ورد «أكرم من في النجف» فإنّه ظاهر في انحلال الحكم، أو ورد الأمر الاستحبابيّ بأن «سلّم على العالم، و حيِّه بالسلام» فإنّه حسب الأفهام العرفيّة ينحلّ إلى الأوامر بالضرورة، و لا يكون هناك مطلوب واحد، و يكون مفاد المقيّد صرف الوجود، أي الزجر عن صرفه.
فإن كان المراد من «الصرف» هو أن يترك الهيئة بالنسبة إلى شارب الخمر، بحيث إذا سلّم على شارب الخمر مرّة فقد أثم، و سقط النهي، و لا نهي بعده، فلا شبهة