قد مضى في ذيل الوجوه السابقة: أنّ من الممكن أن يقال بتعدّد السبب، حفظا لإطلاق الشرط، و تعدّد المسبّب و هو الوجوب، من غير أن يلزم تعدّد المادّة و الوضوء، و بذلك يجمع بين الإطلاقين، و العرف لا يحكم إلاّ بأنّ عقيب كلّ سبب وجوب، و أمّا أنّ كلّ وجوب متعلّق بموضوع على حدة فهو أمر آخر خارج عن مسألتنا، و لا يلزم من ذلك كون الوجوب الثاني مجازا أيضا، كما عرفت منّا [1].
نعم، يلزم أن يكون الوجوب متأكّدا، و هذا ممّا لا بأس بالالتزام به.
فما نسب إلى العقلاء من الحكم بعدم التداخل صحيح، إلاّ أنّه لا يلزم منه عدم التداخل المقصود في الباب، و هو تعدّد الطبيعة و الوضوء في المثال المعروف، و لا داعي إلى دعوى تعدّده بعد إمكان الأخذ بإطلاق كلّ واحد من الصدر و الذيل.
و بالجملة: لا موجب للتصرّف في أحد الإطلاقين.
أقول: هذه شبهة أوضحها السيّد الوالد المحقّق- مدّ ظلّه- و سدّ ثغورها بما لا مزيد عليه، إلى أن التزم بأنّ التمسك بأولويّة التأسيس من التأكيد هنا غير تامّ، لإطلاق المادّة، و هو رافع لموضوع قاعدة «التأسيس خير من التأكيد».
ثمّ تعرّض- مدّ ظلّه- للوجهين اللّذين ذكرهما الشيخ [2] لتحكيم ذلك، و أنّ تعدّد السبب ينتهي إلى تعدّد المادّة، و أجاب عنهما، و من شاء فليراجع «تهذيب الأصول» [3] و لا حاجة لنا إلى الطواف حول ذلك أصلا.