و لكن لا بأس مع ذلك بالإشارة إلى هذا المسلك، و إلى أنّه من الأباطيل الواضحة، كالنار على المنار، أو كالشمس في رائعة النهار.
و حيث إنّ القوم المتكفّلين لهذه المسألة، مختلفون حسب تصوير المقدّمات الكثيرة غير الدخيلة في أصل البحث، و ما هو المقصود بالذات من «الترتّب» فلا ندخل في تلك المقدّمات، و نذكر التقاريب المختلفة على نهج الاختصار، بذكر ما هو المهمّ في فهم المطلب.
المقدّمة الأُولى: في بيان أساس الترتّب و سبب الالتزام به
و قبل الخوض في تلك التقاريب، لا بدّ من الإشارة إلى مقدّمة مشتملة على ما هو مصبّ الترتّب، و ما هو المقصود منه رأساً:
و هي أنّ مقتضى ما عرفت منّا فيما سلف: أنّ الأدلّة الشرعيّة إذا لم تكن متكاذبة في مقام الدلالة، فلا تكون متعارضة في الاصطلاح، و إذا كانت ملتئمة في مقام الإنشاء و الجعل و القانون، فربّما يتّفق اصطكاكها في مقام الامتثال كما عرفت، فإذا وقعت المزاحمة بينها في مقام الامتثال على الشرائط المعتبرة في التزاحم بالتفصيل الماضي، فلا بدّ من علاج التزاحم [1].
فقالوا: «إذا كان الدليلان المتزاحمان متساويين في الملاك، فمقتضى حكم العقل هو التخيير، بأن يكون كلّ واحد من الدليلين مقيّداً بعدم امتثال الآخر» [2] أو