فمنها: أنا إذا راجعنا وجداننا في الأعيان الخارجية، و كيفية تلونها بالألوان المتضادة، نتمكن من أن نحكم بجواز أن يوجد جسم متلونا بلون السواد من غير أن يسبق عليه عدم البياض سبقا زمانيا، و لا غير زماني، و ما هذا إلا لعدم مدخلية عدم الضد في طرو الضد الآخر.
و أما دخالة عدم السواد الموجود في الجسم في طرو البياض، فهو أيضا اشتباه، لأن صدق «عدم كون الجسم أسود» كاف لقابلية الجسم للبياض، و لا يعتبر صدق «كون الجسم غير أسود» حتى يقال: بأن هذا المحمول يعتبر في تحقق ضده، و هذا من الخلط بين القضية السالبة المحصلة، و الموجبة المعدولة، و سيظهر حل المسألة بوجه عقلي و علمي.
و منها: أن في جميع موارد توهم شرطية عدم المانع، يرجع الأمر إلى شرطية ضد المانع.
مثلا: ما اشتهر «من شرطية عدم الرطوبة لتأثير النار» فهو في الحقيقة معناه اشتراط اليبوسة، فإذا قيل: «عدم السواد شرط عروض البياض» فهو معناه أن الإمكان الاستعدادي و القابلية الخاصة، معتبر في عروض اللون المخصوص، و لا يكفي مجرد التجسم في ذلك العروض، و تلك القابلية منتفية بلون السواد، و ثابتة عند فقده، فلا يكون عدم السواد شرطا، بل هناك أمر آخر وجودي يلازم ذلك.
و الّذي هو أس المسألة: أن العدم سواء كان عدما مطلقا أو مضافا، لا يحكم عليه بالأحكام السارية إلى الخارج، و لا يكون موضوعا، لأنه السلب و الباطل و العاطل، و ما هو حقيقته اللاحقيقة، كيف يحكم عليه «بأنه مقدمة لكذا» أو «الأمر الوجوديّ مقدمة لذلك العدم الكذائي»؟! و هذه القضايا تسويلات نفسانية، لا محاكاة لها في الخارج، فإن الخارج