المسألة: إن الأمر بالشيء لا يقتضي النهي عن ضده العام مطلقا [1]، فلا يتم المطلوب مطلقا، كما لا يخفى.
و حيث جعل الأصحاب- (رضوان اللَّه عليهم)- الدعوى الأولى مورد البحث و الكلام في هذا المقام [2]- تشحيذا لأذهان الأعلام- من غير الحاجة إليه، و لا سيما إطالتهم حولها و حول الأقوال و الاحتمالات الممكنة في المسألة، فلا بأس بالإشارة الإجمالية أولا: إلى بيان حول المقدمة الأولى، و ثانيا: حول الأقوال في المسألة، و ثالثا: حول ما هو الحق فيما بينها.
فالكلام على هذا في النواحي الثلاث:
الناحية الأولى: في تقريب أن عدم أحد الضدين و تركه، مقدمة للضد الآخر
لا شبهة في أن الشيء بعد ما ثبت إمكانه و تحققه، فلا بدّ و أن يستند في طائفة من الحقائق، إلى العلة التامة المركبة من المقتضيات، و الشرائط، و عدم الموانع. و أما طائفة أخرى منها فيكفي لوجودها نفس حقيقة العلة البسيطة.
ففي تلك الطائفة، لا يعقل مع الإخلال بالمقتضي أو الشرط أو عدم المانع، وجود المعلول، فعند ذلك يتبين: أن عدم المانع من الأمور الدخيلة في تحقق المعلول، لأن الضد- و هو المانع- يمنع عن وجوده و يضاد تحققه بالضرورة، و حيث تتقدم العلة على المعلول، فتتقدم بجميع أجزائها عليه، سواء كان من قبيل التقدم بالعلية، أو من قبيل التقدم بالطبع، كما إذا قيس و لوحظ منفردا، لا منضما.