و يمكن دعوى: أن الوجوب لو كان يستفاد من مقدمات الحكمة فلا يثبت هنا، لأن ما يصلح للقرينية يورث الشك في تمامية المقدمات، و إذا كان يستفاد من القرينة العدمية، فيقع المعارضة بين قرينة الوجوب- و هو عدم القرينة- و ما هو القرينة على الندب الصالح للقرينية، فإنه عند ذلك ربما يتعين الأول.
اللهم إلا أن يقال: إذا كان ذلك صالحا للقرينية، فلا يعارض ذلك عدم القرينة على الوجوب، لأنه مع كونه صالحا، يصير قهرا سببا لعدم انعقاد الظهور الوجوبيّ، فتأمل.
إيقاظ: في الاستدلال بالكتاب على الوجوب
ربما يمكن الاستدلال على أن الأمر واجب الامتثال، بقوله تعالى: فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ[1] و قوله تعالى: ما مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ[2] و المراد من الأمر هو الهيئة و الصيغة المستعملة في الكتاب، على الوجه الّذي مضى تفصيله [3].
فهاتان الآيتان تدلان على أن نفس الأمر بالصيغة- كما في قصة إبليس:
وَ إِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ*[4]- يقتضي الامتثال و لزوم التبعية، و لكنهما لا تدلان على أن ذلك لأجل الدلالة الوضعيّة، بل ربما كان لأجل ما أشرنا إليه، فلا تغفل.