فيه عليه و لو بالرتبة، أو و لو كانا معا في الزمان، بل في الرتبة، ضرورة أن الاستعمال في سائر الألفاظ، ليس سبب تحقق المعنى، بل المعنى يتحقق بعلة أخرى متقدمة على الاستعمال، أو مقارنة معه، و أما إذا كان نفس الاستعمال علة وجود المعنى، فهو متقدم عليه بالرتبة، فكيف يصح الاستعمال، و يترشح الإرادة إلى ذلك؟! و إليه يشير العلامة المعظم في «الدرر» فأنكر الاستعمال الإيجادي [1].
و يمكن حله: بأن المعاني التي تستعمل فيها الألفاظ، تتصور قبل الاستعمال، و باستعمالها فيها يعتبر وجود تلك المعاني خارجا، فافهم و اغتنم.
إيقاظ و إرشاد: في كيفية استعمال الباري للصيغ الإنشائية
قضية ما مر في صيغة الأمر [2]: أن سائر الصيغ الإنشائية- كألفاظ التمني، و الترجي، و الاستفهام، و التشبيه- ليست مستعملات في المعاني المختلفة مجازا، أو اشتراكا لفظيا، حتى في المبدأ الأعلى تعالى و تقدس، و الّذي هو الموضوع له و المستعمل فيه، هي المعاني الوحدانية، و سائر الاستعمالات ترجع إليها، و تختلف بالدواعي و الأغراض.
و ما هو المعنى الوحدانيّ، هو المعنى الاعتباري الكلي المتخذ من الأمور الواقعية القلبية و الوجدانية، من غير كونها داخلة في الموضوع له، فإذا قيل: لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذلِكَ أَمْراً[3] أو قيل: لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشى[4] فليس معناهما