و منها: أن العلم و القدرة كافيان في تحقق الفعل، و الأخيرة تنوب عن الإرادة، لأنها محققتها و ما تؤدي إلى الفعل أو الترك، فلا حاجة إلى ثالث وراءهما.
و أنت خبير: بأن القدرة فسرت ب «مشية الفعل أو الترك» [1] فلا بد من المشية.
هذا مع أنه لو كان تفسيرها: أنها القوة على الفعل أو الترك، فيكون المقدور بالنسبة إليها بالإمكان، مع أن الشيء ما لم يجب لم يوجد، فالذي هو الشيء بالنسبة إليه واجب، هي الإرادة التي تتعلق بعد الترجيح، فيصير جميع الأعدام الممكنة الطارئة عليه مسدودة من قبل علته، إلا العدم الممكن عليه من قبل عدم علته، و يصير واجبا فيوجد.
و قد يتوهم عدم تمامية هذه القاعدة، لأن الإرادة قد تتحقق و لا يوجد الشيء، كما يأتي تحقيقه [2].
و فيه: أنه يكشف به عدم وجوبه، لأن من شرائط تأثير الإرادة فينا، وجود القوة المنبثة في العضلات الممكنة للقبض و البسط بالإمكان الاستعدادي.
و هذا التوهم كتوهم: أن هذه القاعدة تستلزم الجبر [3]، و قد عرفت: أن الإرادة مسبوقة بالاختيار و الإرادة الذاتيّة، فلا شيء خارجاً عن الاختيار، فإنّ اختيارية أحد المبادئ- و لا سيما مثل الإرادة- كافية في عدم الانتهاء إلى الجبر، فتدبر.
فتحصل إلى الآن: أن حقيقة الإرادة أمر وراء العلم بالصلاح، و وراء الشوق و الاشتياق.
[1]- الحكمة المتعالية 4: 111- 113 و 6: 307، شرح المنظومة، قسم الحكمة: 177.