و هي من جهة الصغرى محل الكلام، و ربما يمكن دعوى أن الاستصحاب منها، أو رأي الفقيه و المجتهد من هذا القبيل، لما تقرر في محله من سقوطه عن الحجية العقلائية، لاختلافهم في مسألة واحدة مرارا و كرارا، و لكن ربما اعتبر شرعا كالأمارات الاخر.
ثم إن بناء الأصحاب إلى زماننا هذا، على إخراج مثل القطع عن هذه المسألة [1]، حتى من القائل بالإجزاء في الأمارات. و لعل سر ذلك عندهم: أن حجيته ذاتية، لا تنالها يد الجعل و التشريع، فلا ربط لعالم الشرع بهذه الأمارة العقلية، و لا تصرف منه، و لا إمضاء من قبله، و لا تتميم لكشفه، و لا غير ذلك من العبارات المختلفة.
و الّذي هو الحق عندي: أن حجية القطع ليست ذاتية، بل هي- كغيرها- تحتاج إلى دليل الإمضاء، لأن الحجية ليست ذاتية، لا بالمعنى المصطلح عليه في باب الإيساغوجي و الكليات الخمسة، و لا في باب البرهان، بل الحجية من الاعتبارات العقلائية، فربما أمكن للشرع إسقاطه عنها، فلا يكون عذرا، و إذا توجه المكلف إلى ذلك، فلا يرد في واد يحصل له القطع، و لا يدخل في مقام يوجد له العلم، فيرتدع عن هذا، و لا يسلك سبيلا يؤدي إلى وقوعه في العلم.
نعم، بعد ما كان عالما لا يمكن ردعه، و تفصيل ذلك في محله [2]. و لعل هذا مما يستفاد من بعض عبارات الشيخ الأنصاري (قدس سره) [3]، كما صرح به الوالد- مد ظله- [4].
و لو سلمنا أن حجيته ذاتية، فهو داخل في محل البحث أيضا، و ذلك على بعض الوجوه الآتية في تقريب الإجزاء في الأمارات مثلا، لو قلنا: بأن وجه الإجزاء