على كونهما واجبا مخيرا، و لا مشاحة في المثال، كذلك يمكن التخيير بينهما فيما اختلف زمانهما، فيكون مخيرا بين إعطاء درهم الآن، و ثلاثة دراهم في الليل، فإنه تخيير جائز، بل واقع.
فلا بأس بكونه مخيرا بين الناقصة و الكاملة، بأن يأتي بالأولى أول الوقت، و بالثانية آخره، فما ترى في كلام بعض الأعلام: من أن التخيير بين الأقل و الأكثر غير جائز [1]، فهو محل منع صغرى، بل و كبرى، كما يأتي في محله إن شاء اللَّه تعالى [2]، فانتظر.
و إن قلنا: بأن أحدهما فعلي، و الآخر شأني، فلا بد من كون الفعلي هو الأمر الاضطراري، و الإنشائيّ هو الأمر الاختياري، ضرورة أنه في عكسه يلزم الخلف، لما مضى من أن المفروض تحقق موضوع الأمر الاضطراري، و لا يعقل مع ذلك الفرض شأنية الأمر و إنشائيته.
فيتعين على هذا كون الأمر الاضطراري فعليا، بمعنى أن المولى ذو مطلوب أعلى، و هي الصلاة المائية في الوقت، مع أغراض اخر في نفسها و جعلها، ثم بعد ذلك إذا كان يرى اختلاف الناس، و اختلاف قدرتهم و تمكنهم في الوقت من أوله إلى آخره، و لا يمكن حفظ جميع المطلوب مع هذا الاختلاف الشديد الواضح، يتنزل عن مطلوبه الأعلى، لحفظ المصالح الاخر السياسية و غير السياسية.
و من السياسية تسهيل الأمر على المكلفين، لئلا يرتدعوا عن الشريعة المطهرة، و لا يقع في أنفسهم أنها صعب يشكل المشي معها، و لا تناسب إلا أهل العطلة و جماعة خاصة كما لا يخفى، فيوسع عليهم الأمر، مع شدة طلبه للصلاة