و الّذي هو التحقيق بعد المراجعة إلى النّظر الدّقيق: هو أن الموصولات مختلفة:
فمنها: ما اشرب فيها الإشارة، و لكنها ليست لمجرد الإشارة، بل هي موضوعة للإشارة إلى المفروض، قبال الإشارة إلى الموجود الحاضر، أو الإشارة إلى الموجود الغائب، من غير كون القيدين داخلين كما تقرر، فقوله: الَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي[2] فيه إشارة إلى موجود فرضي، إلا أن هذا قد يكون مطابقا للواقع، كما في المثال المذكور، و قد يكون فرضيا صرفا، كقوله: «الّذي يحاربني لم تلده أمه» و قد يكون فرضيا متوقع الوجود، كقوله: الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً*[3] و مرادفه بالفارسية (آن كسى كه).
و منها: ما يكون مفادها المعنى الاسمي المبهم، و لا إشارة فيها بوجه، مثل قوله: «من رد عبدي ...» و قوله: «رفع ... ما لا يعلمون» [4] فإن المفهوم منه معنى كلي قابل للصدق على الكثيرين، و لا يصدق إلا على ما يصدق عليه الصلة. و مرادفه بالفارسية (چيز كه) أو (كسى كه).
فعليه إطلاق القولين الأولين ممنوع، و ما أفاده بعنوان الاحتمال هو الأوفق بالصواب.
فبالجملة: الموصولات تفارق الضمائر و الإشارات؛ فإن منها ما يكون مفاده المركب من معنى حرفي، و معنى اسمي، ك «الّذي» و «التي».