و يؤيد ما ذكرنا ما ورد في أبواب إحياء الموات، و التحجير، و غير ذلك مما يكون
من قبيل السبق الى ما لم يسبق إليه أحد، فإنها و ان لم يدل على المطلوب فان الكلام
في قاعدة السبق انما هو من جهة إيجاد الحق، بمجرد السبق من دون حاجة الى التحجير و
الاحياء، و إخراج المعدن و حفر البئر و غير ذلك من أشباهه، الا انها مؤكدة له.
الثاني: هو السيرة المستمرة
من أهل الشرع بل من العقلاء أجمع، فإنه لا يشك أحد في بنائهم على كون السابق
إلى شيء من المباحات أحق من غيره سواء كان من المباحات الأصلية، أو من المنافع
العامة، كالانتفاع بالمساجد و البراري و المفاوز و الجبال و المياه، إذا لم يقصد
ملكيتها، بل أراد الانتفاع بها، فلا يشك أحد في كون السابق أحق، و إذا زاحمه غيره
يعد ظلما و تعديا قبيحا.
بل المعلوم استقرار سيرتهم على هذا حتى قبل ورود الشرع.
و مما يؤيد كونها قاعدة عقلائية قبل أن تكون شرعية انها مشهورة معروفة بين من
لا يعتقد بشيء من المذاهب، و لم يقبل أي قانون ديني الهي، فهو أيضا يرى السبق إلى
شيء من المباحات أو المنافع العامة، من الطرق و القناطر و الخانات و غيرها، موجبا
لاستحقاق صاحبه، و عدم جواز مزاحمته، و لكن لها حدود و قيود عندهم سيأتي الإشارة
إليها ان شاء اللّه.