لأنا نقول أولا: ليس في ظاهر الآية دلالة على كون العادلين أولياء على غير العدول، بل الظاهر كونهم أولياء، و حذف المتعلق يفيد العموم، و ليس هنا أمر ظاهر ينصرف إليه الإطلاق. و يرد أيضا: أن الظاهر من الآية إثبات ولاية الأمر و النهي، و لا نزاع فيها، إذ قوله تعالى يَأْمُرُونَ* في قوة التفسير للولاية، و المراد إثبات ولاية الأموال و النفوس. و يمكن التمسك بإطلاق كونهم أولياء، و منع كون ذلك تفسيرا، بل الظاهر كونه تعليلا، و على تقدير كونه تفسيرا لا يلزم منه الانحصار فيه مع إمكان تتميمه بعدم القول بالفصل بعد ثبوت ولاية العدول على الأمر و النهي، سيما مع إمكان إدراج التعزيرات و الحدود و نحو ذلك أيضا في النهي عن المنكر، فإنه بعد ثبوت ولايتهم على ذلك يثبت في غيره بالأولوية، فضلا عن عدم الفرق. لا يقال: إن الظاهر من المؤمنين هو المسلم العارف بالحق كما تدل عليه الآية الأخرى: و المنافقون و المنافقات [1] و هو شامل [2] للعادل و الفاسق، فلا وجه لتخصيص العادل بالولاية. لأنا نقول: قام الإجماع و النص على أن الفاسق لا أمانة له، فكيف يجعل وليا على مال الضعيف و السفيه و الغائب و نحو ذلك فهو خارج بالدليل. لا يقال: إن هذا مستلزم لتخصيص الأكثر، فإن الفاسق أكثر من العادل، كما يدل عليه قوله تعالى وَ أَكْثَرُهُمْ فٰاسِقُونَ[3]. مضافا إلى أن الواسطة بين الفاسق و العادل موجودة فهي أيضا خارجة عن العموم. و لو جعلنا (المؤمنين) شاملا للصبيان و السفهاء و نحو ذلك كان الخارج أكثر بمراتب، و هو قبيح، فلا بد من إرادة معنى آخر. لأنا نقول أولا: إن هذا ليس من باب التخصيص، بل قوله الْمُؤْمِنُونَ وَ الْمُؤْمِنٰاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيٰاءُ بَعْضٍ في قوة التقسيم، فيكون تقسيما للمؤمنين قسمين: ولي، و مولى عليه، و هو كذلك و لا تعميم هنا و لا تخصيص. و لو كان الصبيان و نحوهم داخلين