من جهة الإذن، إذ هو أعم من ذلك كما سيأتي تنقيحه إن شاء الله تعالى بعد ذلك فالأمانة مسألة و الإذن مسألة أخرى، و يختلف الكلام بالحيثيات. نعم، يعتبر الإذن في معنى الأمانة، إما من جانب المالك، أو من جانب الشرع، هكذا ينبغي أن يحقق المقام. و إذا عرفت موضوع الاستئمان، فنقول
الوجه في عدم ضمان الأمين أمور:
أحدها: الخبر المعروف من أنه (ليس على الأمين إلا اليمين
[1] فإنه ناف لسائر الضمانات بعموم المستثنى منه المقدر، فأخذ الغرامة منه لما تلف بيده مناف لمدلول الخبر.
و ثانيها: إجماع الأصحاب قديما و حديثا على ذلك
، فإنهم يتمسكون في الموارد التي أشرنا إليها و غيرها في عدم الضمان بأنه أمين من دون نكير على ذلك، فيعلم من ذلك إطباقهم على أن الأمين ليس عليه ضمان، و هو الحجة.
و ثالثها: الإجماعات المحكية على ذلك حد الاستفاضة، بل التواتر
على اختلاف الموارد و المقامات.
و رابعها: أن الأمين [يكون داخلا في جملة المحسنين]
بعد كونه قابضا للمال لمصلحة المالك فقط على ما بيناه من معنى الاستئمان يكون داخلا في جملة المحسنين، و قد مر أن الإحسان يسقط الضمان في العنوان السابق بنص الكتاب [2] و إجماع الكتاب [3]
. و خامسها: أن ضمان الامناء يوجب انسداد باب الاستئمان
، فيلزم من ذلك العسر و الحرج العظيم المنفيان بالآية و الرواية [4] لاحتياج الناس إلى تقابض الأموال لمصلحة الملاك، فلو كان هذا مضمونا عليهم لامتنعوا عن القبض حذرا من الضرر، و يلزمه التعطيل الموجب للحرج.