و كل من ذلك: إما أن يكون معلوم الوقوع، أو يكون معلوم العدم، أو يكون مظنون الوجود، أو مظنون العدم، أو مشكوكا في وجوده و عدمه، فهذه أقسام التعليق. و قد جرى اصطلاح الفقهاء بتسمية الأمر المستقبل المقطوع المترتب [1] صفة، كقوله: (إن طلعت الشمس) و الأمر المستقبل المشكوك في وجوده و عدمه أعم من الظن و الشك الاصطلاحيين شرطا، كقوله: إن جاء زيد أو قدم الحاج.
و لا بد من الكلام على هذه الأقسام نفيا و إثباتا
، توضيحا للمسألة، و دفع بعض الشبهات الواردة على المطلب في بعضها.
أحدها: التعليق بوصف للموضوع أو بأمر خارج
اعتبر في زمن الماضي بلفظ الشرط مع العلم بحصوله، كقوله: (أنكحتك بشرط كونك قد حججت) أو (بشرط كون الحجاج جائين أمس) مع العلم بأنه حج أو الحجاج جاؤوا. و هذا أيضا مما لا يضر في صحة التنجيز و العقد، لأن المعلق على شيء حاصل لا توقف في حصوله، فهو بعد علمه بوقوع الشرط قاصد لتنجيز العقد، و ليس هذا إلا تعليقا صوريا، فالعقد قد وقع و الإنشاء قد صدر منه جزما و بتا من دون توقف، و مجرد الاشتراط اللفظي غير مانع منه غايته: اللغوية، و مثل ذلك لا ينافي عقدية العقد.
الثاني: هو الفرض السابق مع كونه بأدوات الشرط
، كقولك: (إن كنت حججت) أو (إن جاء الحجاج أمس) و الظاهر أيضا أن هذا كالأول، لعدم التعليق معنا و تحقق القصد [2] المنجز، و لا منافاة بين ذكر هذا اللفظ و صحة العقد. نعم، قد يتوهم: أن أدوات الشرط لصراحتها في إفادة معنى التعليق ليست كلفظ (بشرط) لأنه قابل للسببية و التعليل بخلاف الأدوات، فيصير لهذا اللفظ صراحة على خلاف ما هو المقصود، و قد اعتبر في دوال العقود الصراحة في المدعى و هو الإنشاء الفعلي للمعنى المقصود. لكنه مدفوع بأن أصل الإيجاب و القبول صريحان في المدعى، و هذا إن
[1] كذا في النسخ، و الظاهر أنّ الصواب: المقطوع الترتّب.