فمن ذلك ما رواه نقلة الآثار من العامّة و الخاصّة من قضاياه و رسول اللّه 6 حيّ، فصوّبه و حكم له بالحقّ فيما قضى به، و دعا له بخير و أثنى عليه به، و ابانه بالفضل في ذلك من الكافّة، و دلّ به على استحقاقه الأمر من بعده، و وجوب تقدّمه على من سواه في مقام الإمامة، كما تضمّن ذلك التّنزيل فيما دلّ على معناه و عرّف به ما حواه من التّأويل حيث يقول اللّه عزّ اسمه: أَ فَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدى‌ فَما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ‌[1] و قوله سبحانه و تعالى في قصّة طالوت: وَ قالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طالُوتَ مَلِكاً قالُوا أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنا وَ نَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَ لَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِنَ الْمالِ قالَ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفاهُ عَلَيْكُمْ وَ زادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَ الْجِسْمِ وَ اللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشاءُ وَ اللَّهُ واسِعٌ عَلِيمٌ‌[2] فجعل جهة حقّه في التّقدّم عليهم ما زاده اللّه من البسطة في العلم و الجسم، و اصطفائه إيّاه على كافّتهم بذلك، و كانت هذه الآيات موافقة لدلائل العقول في أنّ الأعلم أحقّ بالتّقدّم في محلّ الإمامة ممّن لا يساويه في العلم، و دلّت على وجوب تقدّم أمير المؤمنين 7 على كافّة المسلمين في خلافة الرّسول 6 الأمّة لتقدّمه 7 عليهم في العلم و الحكمة و قصورهم عن منزلته في ذلك.

الفصل الثالث و الثلاثون: في قضايا علي 7 و النّبيّ حي‌

فممّا جاءت به الرّواية في قضاياه 7 و النّبيّ 6 حيّ موجود

إنّه لما أراد رسول اللّه 6 تقليده قضاء اليمن و إنفاذه إليهم ليعلّمهم الأحكام و يبيّن لهم الحلال من الحرام و يحكم فيهم بأحكام القرآن، قال له أمير المؤمنين 7: «تندبني يا رسول اللّه للقضاء و أنا شابّ و لا علم لي بكلّ القضاء» فقال له: «إدن منّي» فدنا منه، فضرب على صدره و قال: «اللّهمّ اهد قلبه و ثبّت لسانه» قال أمير المؤمنين 7: «فما شككت في قضاء بين اثنين بعد ذلك المقام» و لمّا استقرّت به الدّار باليمن و نظر فيما ندبه إليه‌

[1] سورة يونس، الآية: 35.

[2] سورة البقرة، الآية: 247.