نام کتاب : شرح أصول الكافي (صدرا) نویسنده : الملا صدرا جلد : 1 صفحه : 383
المشهد العشرون فى ان اصل السعادة الحقيقية للعبد ان يكون
عقله مستفادا من اللّه، و فى ان الظاهر عنوان الباطن و الاعمال حكاية الاحوال
اعلم ان المؤمن اذا لم
يكن قلبه منورا بنور اللّه سبحانه و عقله مهتديا بهداه لا يكون أمنا من الزيغ و
الضلالة و العمى عن الحق بعد الاجابة، و الارتداد بعد قبول الدعوة و التردى الى
المهوى الاسفل عقيب الطاعة كما فى قوله تعالى: وَ لكِنَّهُ أَخْلَدَ
إِلَى الْأَرْضِ وَ اتَّبَعَ هَواهُ (الاعراف- 176)، و كقوله: ذلِكَ بِأَنَّهُمْ
آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا فَطُبِعَ عَلى قُلُوبِهِمْ (المنافقون- 3)، و
قوله: وَ مَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَ هُوَ كافِرٌ (البقرة- 217).
و جميع ذلك لاجل ان
ايمانهم لم يكن ايمانا حاصلا من طريق الاستبصار بالآيات و البراهين و لا علمهم
نورا فائضا على قلبهم من اللّه مكتوبا فيه بقلم اللّه، أُولئِكَ كَتَبَ فِي
قُلُوبِهِمُ الْإِيمانَ وَ أَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ (المجادلة- 22)، أُولئِكَ
عَلى هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ وَ أُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ* (البقرة- 5)،
بل كان ايمانهم تقليديا و علمهم حاصلا من افواه الرجال و هديهم هدى الخلق بالرواية
و الكتابة لا هدى الحق بالدراية، قُلْ إِنَّ الْهُدى هُدَى اللَّهِ (آل عمران-
73)، و مثلهم لا يأمن فى حقهم مكر اللّه.
فالمؤمن المستبصر ما دام
فى الدنيا لا بد ان يلتجئ الى اللّه و يتضرع له بالدعاء ان لا يزيغ قلبه بعد الهدى
و ان يتفضل عليه بهدى و رحمة من عنده و يؤتيه علما و حكمة من لدنه، و الى ما ذكرنا
اشار بقوله 7: «يا هشام: ان اللّه حكى عن قوم صالحين انهم قالوا: رَبَّنا لا
تُزِغْ قُلُوبَنا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنا وَ هَبْ لَنا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً
إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ (آل عمران- 8)، حين علموا ان القلوب تزيغ و تعود
الى عمائها و ردائها[1] انه لم يخف
اللّه من لم يعقل عن اللّه، و من لم يعقل عن اللّه لم يعقد قلبه على معرفة ثابتة
يبصرها و يجد حقيقتها فى قلبه».
الزيغ هو العدول عن
الطريق و الردى هو الهلاك، و التردى و هو سقوط الدابة و نحوها الى اسفل، كأنه تفعل
من الردى الّذي هو الهلاك، و الضمير المرفوع فى قوله: