ان اهل الكتاب و تعلمه
قوم و اهل الهدى و الذكر و الحكمة و النور قوم اخر اجل رتبة و اعلى درجة من اهل
الكتاب، و هذه الالفاظ معانيها امور متخالفة بالاعتبار متحدة بالذات، فالمراد من
اهل الكتاب فى قوله: يا أَهْلَ الْكِتابِ* اينما وقع فى القرآن هم عامة العلماء
الظاهرين.
و اما اهل الهدى و الذكر
و اصحاب الحكمة و النور و أولو البصائر و الالباب فهم الخاصة من العلماء و اهل
التأويل و الراسخون فى العلم فهؤلاء هم علماء الآخرة و اهل اللّه و اهل القرآن
خاصة و أولو بقية اللّه فى ارضه، و اما اهل الكتاب فهم علماء الدنيا الراغبون فى
مالها و جاهها.
اذا علمت هذا فقوله: أَوْرَثْنا
بَنِي إِسْرائِيلَ الْكِتابَ، اى جعلناهم ورثة الكتاب و حملة الاسفار و حفظة
الالفاظ و مدلولاتها اللفظية و معانيها الاولية و احكامها الظاهرية الفرعية، و
انما فعلنا ذلك ليكون هدى و ذكرى لاولى الالباب.
فظهر ان الغرض الاصلى فى
ايراث التورية لبنى اسرائيل و كذا غيره من الكتب السماوية لطائفة اخرى غيرهم انما
هو الهدى و الذكرى لاولى الالباب، و ان غيرهم من اهل الكتاب بمنزلة القوى الخادمة
للعقل و بمنزلة الكتاب و النساخ و الصحفيين لتبقى النسخ محفوظة لهؤلاء و لا تندرس
بكرور الازمنة و الدهور.
تحقيق الآية: انه تعالى
لما ذكر فى الآيات السابقة بعض دلائل التوحيد من بناء السماء و فرش الارض و خلق
الزوجين من كل شيء و رتب عليها الامر بالفرار إليه تعالى من كل ما سواه عملا و
الاعتقاد بوحدانيته ضميرا بواسطة تعليم نبيه الّذي هو نذير مبين.
ثم اشار الى جلالة رتبة
التوحيد و عظم قدره و عزة وجوده فى السابقين و
نام کتاب : شرح أصول الكافي (صدرا) نویسنده : الملا صدرا جلد : 1 صفحه : 355