نام کتاب : شرح أصول الكافي (صدرا) نویسنده : الملا صدرا جلد : 1 صفحه : 350
المتأمل فيها يحتاج الى مزيد تجريد للعقل و تطهير للنفس و
تهذيب للخاطر عن الوساوس العادية، و تصفيته للفكر عن الاغلاط الوهمية، و انقطاع عن
الشوائب الحسية، و لا بد له أيضا من فهم لطيف و طبع مشتعل ذكى و فكر دقيق و قلب
نورانى كالقنديل الّذي فيه السراج.
و انما الآيات آيات
بالقياس الى مثلهم[1] لا بالقياس
الى اهل القساوة و هم اكثر الخلق، و لا بالقياس الى المعرضين عن الحكمة و النظر فى
آيات اللّه و هم اهل الجحود، و إليهم الاشارة بقوله: وَ كَأَيِّنْ مِنْ
آيَةٍ فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْها وَ هُمْ عَنْها
مُعْرِضُونَ، (يوسف- 105) فالفائز بمعرفة الآيات و الحكم التى فيها مترق
الى درجة الملائكة المقربين و الابرار العليين، و المعرض عنها نازل الى منزلة
الفجار الاشرار مع الشياطين فى سجين.
هذا من قبيل قوله تعالى: هَلْ
يَسْتَوِي الْأَعْمى وَ الْبَصِيرُ*، (الرعد- 16) فان العالم بصير و الجاهل اعمى، و
ذلك لان الانسان مركب من جوهرين: بدن و نفس، و البدن من عالم الملك و الشهادة و
النفس من عالم الملكوت و الغيب و لكل منهما اجزاء و قوى بما فيه مثال للآخر بحسب
الفطرة، لكن قوى البدن متفرقة فى اعضاء البدن و قوى النفس مجتمعة فى ذاتها، و
البدن ابدا فى الانحلال و الاضمحلال و النفس باقية يترسخ بقواها اما فى السعادة و
الهدى و اما فى الشقاوة و الضلال و الهوى الى الوبال.
فكما ان للبدن عين يبصر
به المحسوسات فللنفس عين يبصر به اليقينيات و هى البصيرة الباطنة، و كل انسان فى
مبدأ الامر ذا بصيرة بالقوة فاذا خرجت بصيرته اى عقله من القوة الى الفعل و ذلك
بتكرر الادراكات و فعل الحسنات يصير بصيرا بالفعل، و ان لم يسلك هذه السبيل بل
اعرض عنها صار اعمى بالفعل بعد ما كان بصيرا بالقوة، و إليه الاشارة بقوله: وَ مَنْ
أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَ نَحْشُرُهُ يَوْمَ
الْقِيامَةِ أَعْمى.