responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : رسائل اخوان الصفاء و خلان الوفاء نویسنده : اخوان صفا (مجموعة من المؤلفين)    جلد : 4  صفحه : 23

و الدنيا، سمحت أنفسهم بتلف أجسادهم، لأنهم يؤمّلون مثل ما أمّل ذلك الشيخ الحكيم و ذلك الشاب الفاضل العاقل، و زيادة عليهما، و ذلك أنهم يرون و يعتقدون أن من يفعل ذلك ابتغاء مرضاة اللّه و نصرة الدين و صلاح الإخوان، فإن نفسه- بعد مفارقة جسدها- تصعد إلى ملكوت السماء، و تدخل في زمرة الملائكة و تحيا بروح القدس، و تسبح في فضاء الأفلاك، في فسحة السماوات، فرحة مسرورة منعّمة ملتذّة مكرّمة مغتبطة، و ذلك قول اللّه، عزّ و جل: «إليه يصعد الكلم الطيب و العمل الصالح يرفعه» يعني به روح المؤمن. و قال أيضا: «و لا تحسبنّ الذين قتلوا في سبيل اللّه أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون فرحين بما آتاهم اللّه من فضله» إلى آخر الآية.

و قد علم كل عالم أن تلك الأجساد قد بليت في التراب و تمزقت، و أن هذه الكرامة إنما هي لتلك النفوس التي سمحت بتلف أجسادها في نصرة الدين و صلاح الإخوان، و ذلك أن رسول اللّه، صلى اللّه عليه و على آله و سلم، لما هاجر من مكة إلى المدينة كتب إلى المؤمنين كتابا أمرهم فيه بالهجرة إليه، فمنهم من بادر بالهجرة، و منهم من توقف يؤدي في ذلك الأسباب المانعة له إما شفقة على تضييع أولاد له صغار، أو والد كبير، أو أخ له، أو صديق، أو زوجة موافقة، أو مسكن مألوف، أو مال مجموع يخاف تضييعه، أو تجارة يخشى كسادها. فأنزل اللّه تعالى هذه الآية على نبيه، صلى اللّه عليه و على آله و سلم، و بعث بها رسول اللّه، صلى اللّه عليه و سلم: «قل إن كان آباؤكم و أبناؤكم و إخوانكم و أزواجكم و عشيرتكم و أموال اقترفتموها و تجارة تخشون كسادها و مساكن ترضونها أحب إليكم من اللّه و رسوله و جهاد في سبيله فتربصوا حتى يأتي اللّه بأمره و اللّه لا يهدي القوم الفاسقين».

فلما قرءوها بادروا بالهجرة إلى رسول اللّه، صلى اللّه عليه و سلم، و بقي قوم ضعفاء لم يمكنهم الخروج لقلة الزاد و بعد الطريق، فبقوا كالخاسرين. و جعل المشركون من أهل مكة يتعرضون لهم بالأذية شتما و حبسا و ضربا و قتلا،

نام کتاب : رسائل اخوان الصفاء و خلان الوفاء نویسنده : اخوان صفا (مجموعة من المؤلفين)    جلد : 4  صفحه : 23
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست