النفس و كيفية رباطها بالفلك المحيط و ما
دونه، و معرفة العقل بأنه أول الموجودات و أشرف الدوات، و هو الناطق بتوحيد اللّه،
عز و جل، و تنزيهه، و الوسيلة بينه و بين مما دونه من خلقه.
فأما العمل فمثل ما ذكرناه في رسالة الصنائع العملية، و نريد أن نذكر
في هذه الرسالة صفة الدوائر الروحانية النفسانية، و سكّان كل دائرة من الملائكة، و
كيف يكون أفعالهم و تفاضلهم، كما قلنا بالقرب من اللّه تعالى بالأعمال المقرّبة
إليه المزلفة لديه. و إذا فرغنا من ذكر الدوائر المستقيمة ذوات الأنوار المضيئة و
الأشخاص البهية، ذكرنا الدوائر الظّلمانيّة المعكوسة و ذوات الصور الشيطانية
المنكوسة، و بمعرفة ذلك تكون معرفة الإنسان بحقيقة الجنة و النار و أفعال أهلها
يخص كل شكل منها.
فإذا وفقت إلى هذه الحكمة الشريفة، و ترقّيت إلى هذه الدرجة المنيفة،
فخصّ بها إخوانك البالغين، و أحباءك المصطفين الذين تهذبوا بالأخلاق الحكمية و
عرفوا المنازل العلمية.
و اعلم أن رسائلنا الناموسية الإلهية هي جواهر ما بسطناه و ذخائر ما
ألفناه.
و هذا الكتاب الذي ألقيناه إليك و خصصناك به جعلناه وديعة عند
إخواننا أيدهم اللّه و إيانا بروح منه.