مستقر و متاع إلى حين» و قال: «فيها تحيون و
فيها تموتون و منها تخرجون».
و اعلم أيها الأخ أنه كما أن المعاونة تكون بقوة الأجسام على امور
الدنيا من أبلغ ما يكون لأبناء الدنيا فيما يريدون، و أسهلها عليهم فيما يقصدون،
فهكذا نرى أن المعاونة بين إخواننا بالعلوم و المعارف على أمر الدين و طلب الآخرة
من أبلغ ما يقصدون و أسهلها عليهم فيما يريدون.
و اعلم أننا لا نستعين بأحد من إخواننا على أمر الدين قبل أن نبذل له
من المعاونة على أمر الدنيا، فإن كان مستغنيا عن معاونتنا فذلك الذي نريد له، و إن
كان محتاجا إلينا فذلك الذي نريد منه، حتى إذا كفيناه ما يهمه من أمور دنياه، و
أفرغ لنا قلبه و أجمع لنا رأيه و استغنى عن ذلك بقوة نفسه و تمييز عقله و صفاء
جوهره، فإن كان عنده علم ليس عندنا تعلّمنا منه تعلّم صبيان الكتّاب، و استمعنا
منه استماع المنصتين لخطبة الخطيب يوم الجمعة، فإن كان حقّا ما يقول اتّبعناه
اتباع المأموم و الإمام، و إن كان يرغب فيما لدينا من العلم علّمناه بحسب رغبته و
طلبته.
فصل
و اعلم أيها الأخ أنّا لا نعادي علما من العلوم، و لا نتعصب على مذهب
من المذاهب، و لا نهجر كتابا من كتب الحكماء و الفلاسفة مما وضعوه و ألّفوه في
فنون العلم، و ما استخرجوه بعقولهم و تفحصهم من لطيف المعاني.
و أما معتمدنا و معوّلنا و بناء أمرنا فعلى كتب الأنبياء، صلوات
اللّه عليهم أجمعين، و ما جاءوا به من التنزيل، و ما ألقت إليهم الملائكة من
الأنباء و الإلهام و الوحي.
و اعلم أيها الأخ، أيّدك اللّه و إيانا بروح منه، أن لنا كتبا نقرؤها
مما