ذلك أو على ذلك القياس، و لكن كانت أصولهم
مختلفة و قياساتهم متفاوتة غير مستوية.
و اعلموا أيها الإخوان، أيدكم اللّه و إيانا بروح منه، أن الجواب على
أصول مختلفة، و الحكم بقياسات متفاوتة، تكون متناقضة غير صحيحة، و نحن قد أجبنا عن
هذه المسائل كلها و أكثر منها مما يشاكلها من المسائل على أصل واحد و قياس واحد، و
هو صورة الإنسان، لأن صورة الإنسان أكبر حجة للّه على خلقه، و لأنها أقربها إليهم،
و دلائلها أوضح و براهينها أصحّ، و هي الكتاب الذي كتبه بيده، و هي الهيكل الذي
بناه بحكمته، و هي الميزان الذي وضعه بين خلقه، و هي المكيال الذي يكيل لهم به يوم
الدين ما يستحقونه من الثواب و الجزاء، و هي المجموع فيها صور العالمين جميعا، و
هي المختصر من العلوم التي في اللوح المحفوظ، و هي الشاهد على كل جاحد، و هي
الطريق إلى كل خير، و هي الصراط الممدود بين الجنة و النار.
و ينبغي لمن يدّعي الرئاسة في العلوم الحقيقية، و يقول إنه يحسن أن
يجيب عن هذه المسائل التي تقدّم ذكرها، أن يطلب منه الجواب على أصل واحد و قياس
واحد، فإنه لا يمكنه إلّا أن يجعل أصله صورة الإنسان من بين صور جميع الموجودات من
الأفلاك و الكواكب و الأركان و الحيوان و النبات و غير ذلك. و إن جعل أصله أشياء
غير صورة الإنسان، فلا يمكنه أن يقيس بها سائر الموجودات، و يجيب عن هذه المسائل
إلّا بمثل ما قسنا عليه نحن و أجبنا عنه. و إذا فعل ذلك اتفق الجميع على رأي واحد
و دين واحد و مذهب واحد، و ارتفع الخلاف و اتضح الحق للجميع، و يكون ذلك سببا
لنجاة الكل.
و نحن لا نرخص لأحد بالنظر في مثل هذه الأشياء و لا السؤال عنها إلّا
بعد تهذيب نفسه بمثل ما قلناه و وصفناه في هذين الكتابين، اقتداء بسنّة اللّه،
تبارك و تعالى، كما أخبر و قال: «و واعدنا موسى ثلاثين ليلة و أتممناها بعشر»