responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : رسائل اخوان الصفاء و خلان الوفاء نویسنده : اخوان صفا (مجموعة من المؤلفين)    جلد : 3  صفحه : 66

و أما من لا يعرف ما وصفنا له، لا يعقل ما بيّن اللّه تعالى في كتابه على ألسنة أنبيائه إلّا هذه الدنيا التي كلّها آلام جسدانية من الشهوات الجسمانية و اللذات الحيوانية، فهو لا يرغب إلّا فيها و لا يتمنى إلّا الخلود معها، كما وصفهم اللّه تعالى فقال: «يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ وَ ما هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذابِ أَنْ يُعَمَّرَ» فهؤلاء هم الكفار الذين تغطّى عليهم الصفات الحقيقة و الأسرار الخفيّة التي كلها رموز أخرويّة ثابتة للنفوس الناجية من نيران الهاوية. نجانا اللّه و إياك أيها الأخ، و رزقنا و إياك الدخول في زمر الملائكة.

فصل فصل في كيفية وجدان اللذة و الآلام معا في وقت واحد

فنقول: اعلم أن الإنسان في دائم الأوقات لا يخلو من ألم و لذة جسمانية و روحانية من عدّة وجوه. مثال ذلك العاشق يرى معشوقه و هو على خيانة، فتسره رؤيته له و يلتذ بها، و تغمّه خيانته له و تؤلمه كما قال:

قايست بين جماله و فعاله،

فإذا الملاحة بالقباحة لا تفي‌

و كمثل من يأكل طعاما يشتهيه و له رائحة منكرة تؤذيه، مثل الصّحنى‌[1] و الماميامه‌[2] لساكن السواحل، فهو يلتذ بأكله و تؤلمه رائحته. و مثل من يسمع لحنا طيبا و نغمة لذيذة كغناء أبيات من الشعر فيها هجو له، فإنه يلتذ باستماع اللحن اللطيف، و يغمّه هجوه في وقت واحد. و مثل من يسمع بموت مورث له تركته، فيغتم لخبر موته، و يسرّه ما ورث. و مثل من به جرب مؤذ يحكّه، فيجد له لذّة و غمّا في وقت واحد، و ألمين متضادّين و راحة بينهما.


[1] -الصحنى: ادام من السمك الصغير المملوح.

[2] -الماميامه: الظاهر انه ضرب من السمك، و لعله المارماهي، و هو الأنكليس.

نام کتاب : رسائل اخوان الصفاء و خلان الوفاء نویسنده : اخوان صفا (مجموعة من المؤلفين)    جلد : 3  صفحه : 66
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست