أجل تركه الاجتهاد بما أمر به أو نهي عنه.
فإذا اجتهد العبد و وقع المعلوم منه فهو ممدوح مستوجب للوعد و الثناء عليه، و إذا
اجتهد العبد و لم يقع المأمور به، أو وقع المنهي عنه، فهو معذور يستحق العفو و
الغفران من أجل اجتهاده.
ثم اعلم أن اللّه تعالى أمر أيضا بالتوبة و الندامة و الاستغفار، و
هي أيضا طاعة اللّه و الدين. و يستحق العبد الثواب و الجزاء. و التوبة و الندم و
الاستغفار لا يكون إلّا بعد الذنب.
و قد روي عنه، 7، أنه قال: «لو لا أن بني آدم إذا أذنبوا
تابوا، فيغفر لهم اللّه، لخلق اللّه تعالى خلقا جديدا أذنبوا و تابوا فيغفر لهم».
ثم اعلم أن اللّه تعالى إنما يمنّ و يتفضل على عبيده بالعفو و
المغفرة إذا أذنبوا، كما منّ عليهم بالعصمة و التوفيق و اللّطف في الطاعة، كما قال
تعالى: «قُلْ يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ، لا
تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ» و قال: «إِنَّهُ لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ» و قال: «وَ مَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ
رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ.» ثم اعلم أن من أفقه الفقهاء
و أحكم الحكماء من كان يحسن أن يعظ الناس، و يدعوهم إلى اللّه، و يهديهم إليه، و
يزهّدهم في الدنيا، و يرغّبهم في الآخرة، و يخوّفهم سخط اللّه، فلا يؤيسهم من
روحه، و يحذّرهم اللّه و لا يقنطهم من رحمة اللّه، و يحسن أن يصف لهم فضل اللّه و
إحسانه و رحمته، و لا يرخّص لهم معصيته و لا ترك طاعته، لأن ذلك يكون استجراء على
اللّه لا اتكالا على رحمته، بل يقيمهم بين الرجاء و الخوف و بين الرّغبة و الرّهبة
إلى يوم يلقونه، فيفعل بهم ما يشاء، و يحكم فيهم ما يريد، لا رادّ لحكمه، و لا
معقّب لقضائه، فعّال لما يريد.
و اعلم يا أخي، أيّدك اللّه و إيانا بروح منه، أن من الآراء و
المذاهب و الاعتقادات ما هي مؤلمة لنفوس معتقديها، معذّبة لقلوبهم، و هي الآراء