responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : رسائل اخوان الصفاء و خلان الوفاء نویسنده : اخوان صفا (مجموعة من المؤلفين)    جلد : 3  صفحه : 520

الفاسدة و الاعتقادات الرديئة، و منها ما هي ملذّة لنفوس معتقديها، مفرحة لقلوبهم، و هي الآراء الصالحة و الاعتقادات الجيدة.

ثم اعلم أن الآراء الفاسدة كثيرة لا يحصى عددها، و لكن نذكر منها طرفا ليعرف القياس بها و يحذر منها و من أمثالها. فمن ذلك رأي من رأى و اعتقد أن العالم قديم لا صانع و لا مدبّر له، و إن هذا الرأي مؤلم لنفوس معتقديه، معذّب لقلوبهم، و ذلك أنه لا يخلو من أن يكون صاحب هذا الرأي سعيد أهل الدنيا أو من أشقيائهم، فإن كان من سعدائهم فإنه لا يدري من أين له هذا، و ما هو فيه، و لا يدري من أعطاه ذلك ليشكر له، و يطلب منه المزيد، و يرجو منه خيرا مما أعطى، إمّا من الدنيا و إمّا في الآخرة.

و قد علم يقينا أن الذي هو فيه من النعمة و رغد العيش لا يدوم له، و أنه مفارقه على رغمه، مع شدّة محبته للبقاء فيما هو فيه من النعمة و رغد العيش، و مع شدّة شهواته لدوام تلك النعمة عليه، كلما ذكر الموت و الفناء نغّص عليه شهواته، و يمرّ الموت عليه لذاته، فيعيش طول عمره خائفا من الموت، و جلا من الفناء، مشفقا من الهلاك، ثم يموت على رغم و حسرة و ندامة لا يرجو بعد الموت خيرا، و لا يؤمّل بعد الفراق معادا و لا ثواب عمل و لا جزاء إحسان. فهذه حاله في الدنيا، فأما في الآخرة فالحسرة و الندامة و الويل الطويل و الخسران المبين و تمنّي الرّجعة و قد حيل بينه و بين ما يشتهي.

و إن كان من أشقيائها فهو أسوأ حالا و أمرّ عيشا و أشرّ سيرة من غيره، و ذلك أنه يفني عمره كله بجهل و عناء و تعب و شقاء في طلب ما لم يقدّر له، و هو لا يدري أن طلبه لا يزيد في رزقه شيئا، أو لا يدري أن الذي أعطاه ما أعطاه، و منعه ما منعه، من هو! فيطلب منه فيسأله و يرجوه و يؤمّل منه خيرا عوضا عما فاته في وقت آخر! فهو، بجهله بربّه، يعيش طول عمره مغتمّا حزينا ضجرا لما رأى أنه فاته ما وجد غيره، ثم يموت بحسرة و غصّة و ندامة لا يرجو بعد الموت خيرا، و لا بعد الفراق ثواب عمل و لا جزاء

نام کتاب : رسائل اخوان الصفاء و خلان الوفاء نویسنده : اخوان صفا (مجموعة من المؤلفين)    جلد : 3  صفحه : 520
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست