responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : رسائل اخوان الصفاء و خلان الوفاء نویسنده : اخوان صفا (مجموعة من المؤلفين)    جلد : 3  صفحه : 503

و منهم من يرى و يعتقد أنه لا يكون كاذبا، لأن الكذب هو الخبر بأنه قد فعل و لم يكن فعل، أو يقول: ما فعلت و قد كان فعل. فأما إذا قال:

سأفعل ثم لم يفعل، فيكون مخالفا، و المخالف في الوعد يكون مذموما غير وفيّ. فأما في الوعيد فربما كان الخلاف عفوا و صفحا و رحمة و تحنّنا و إشفاقا و كرما و سماحة و إنعاما، و كذلك هذه الخصال ممدوحة محمودة تليق بفضل اللّه و رحمته و كرمه و إحسانه. و منه قول بعض العرب:

و إني إذا أوعدته أو وعدته،

لمخلف إيعادي و منجز موعدي‌

فإن إخلاف الوعيد مكرمة افتخر بها، و ذلك أن وعيد اللّه تعالى لعبيده مماثل لوعيد الأب الشفيق الطيب العالم للولد الجاهل العليل، يقول: لا تأكل و لا تشرب كيت و كيت، و افعل كيت و كيت، فإنك إن لم تفعل و لم تقبل نصيحتي، ضربتك و حبستك و عاقبتك. فإن لم يفعل الولد، و لم يقبل نصيحة والده، و لم يأتمر له، و لم ينته عما نهاه عنه، و أكل و شرب ما نهاه عنه، و ترك ما كان مأمورا به، بقي عليلا سقيما و فاتته الصحة و الأنفع و الأصلح، و بقي متألما وجيعا، فإن الأب الشفيق يشفق عليه أن يفي بوعيده فيضربه و يزيده ألما و عذابا. فهكذا حكم عذاب اللّه و وعيده لعباده، و هذا أليق به و برحمته وجوده و كرمه و إحسانه.

و أما وقت وفاء الوعد لثواب المحسنين متى يكون و كيف يكون؟ فإن هذه المسائل هي من غوامض العلوم و دقائق الأسرار، و قد أكثر العلماء فيها القال و القيل، و تحيرت فيها عقول كثير من الناس أولي الألباب، فمنهم من يرى و يعتقد أنها في الدنيا قبل الممات. و منهم من يرى أنها تكون في الآخرة بعد الممات. و أما كثير من الناس فينكرون أمر الآخرة فلا يعرفونها و لا يقرّون بها. و أما المقرّون بها فمختلفون أيضا فيها و في ماهيّتها و كيفيّتها و أبنيتها على مذاهب شتى: فمنهم من يرى و يعتقد أن الآخرة و دار الجزاء إنما تكون بعد خراب السماء و فناء الخلق أجمعين، ثم إن اللّه تعالى يعيدهم‌

نام کتاب : رسائل اخوان الصفاء و خلان الوفاء نویسنده : اخوان صفا (مجموعة من المؤلفين)    جلد : 3  صفحه : 503
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست