responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : رسائل اخوان الصفاء و خلان الوفاء نویسنده : اخوان صفا (مجموعة من المؤلفين)    جلد : 3  صفحه : 45

فصل في حكمة الموت‌

اعلم أن الدنيا كالميدان، و الأجساد خيل عتاق، و النفوس السابقة إلى الخيرات فرسان، و اللّه تعالى الملك الجواد المجازي. و كما أن الفارس السابق إذا بلغ باب الملك إن لم ينزل عن فرسه، لا يمكنه الدخول إلى حضرة الملك فتفوته جائزته و الخلع و الكرامة، فهكذا حكم نفوس السابقين في الخيرات و الأعمال الصالحة إذا قطعوا أيام الحياة الدنيا سبقا إلى الخيرات كما مدحهم اللّه تعالى: «إِنَّهُمْ كانُوا يُسارِعُونَ فِي الْخَيْراتِ وَ يَدْعُونَنا رَغَباً وَ رَهَباً وَ كانُوا لَنا خاشِعِينَ».

فإذا فني العمر و هدم الجسد و شاخ، و نبت النفس و كملت، إن لم تفارقه، لا يمكنه الصعود إلى ملكوت السماء، لأن هذا الجسد الثقيل المتغيّر الفاسد لا يليق بذلك المكان العالي الشريف، بل النفس هي التي يمكنها الصعود إلى هناك لتجازى بما عملت من خير، فإذا الموت حكمة و رحمة.

و أيضا إن الدنيا مزرعة، و أرحام النساء كالحرث كما قال اللّه تعالى:

«نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ.» و النّطفة كالبذر، و الولادة كالنبت، و أيام الشباب كالنشوء، و أيام الكهولة كالنّضج، و أيام الشيخوخة كاليبس و الجفاف. فبعد هذه الحالات لا بد من الحصاد و الصّرام، و هو الموت و الصّراط و الآخرة، كالبيدر، فكما أن البيدر يجمع الغلّات من كل جنس و يدرس و ينقّي و يرمي القشور و الورق و التبن و الحب و الثمر، و يجعل علفا للدواب و حطبا للنيران.

فهكذا تجتمع في الآخرة أمم الأولين و الآخرين من كل دين، و تنكشف الأسرار، و يميز اللّه الخبيث من الطيّب، فيجعل الخبيث بعضه على بعض فيركمه جميعا، فيجعله في جهنم، و ينجّي اللّه الذين اتقوا بمفازتهم، لا يمسّهم السوء و لا هم يحزنون.

و هذا كله بعد الموت هو حكمة و رحمة و نعمة من اللّه تعالى لأوليائه،

نام کتاب : رسائل اخوان الصفاء و خلان الوفاء نویسنده : اخوان صفا (مجموعة من المؤلفين)    جلد : 3  صفحه : 45
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست