responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : رسائل اخوان الصفاء و خلان الوفاء نویسنده : اخوان صفا (مجموعة من المؤلفين)    جلد : 3  صفحه : 43

و يتأدب و يرتاض؛ فإذا تعلم و أحكم ذلك، فليس حال أخرى إلّا الخروج من المكتب و الانتفاع بما حصّل في المكتب، لأنه قد تم ما يراد منه و بقي الإكرام و المجازاة. فهكذا حكم النفس مع الجسد إذا أحكمت ما يراد منها بكونها معه. فليس من طريقة إلا المفارقة. و كما أن الصبي إذا أحكم ما يراد منه في المكتب، استغنى عن حمل اللوح و الدواة و المداد و القلم و سواده، لأنه كان يكتسب به و يقرأ منه و يمحو ليحصّل العلم في نفسه محفوظا من القرآن و الأخبار و الأشعار و النحو و اللغة و ما شاكلها مما يحفظ الصبيان في المكتب، فهكذا حكم النفس مع الجسد إذا هي أحكمت أمر المحسوسات بطريق الحواس، و أمر المعقولات بطريق الفكر و الروية، و عرفت حقائق أمور هذا العالم من الكون و الفساد، و ارتقت بعد ذلك بطريق الرياضيات التي هي البراهين إلى معرفة الأمور الغائبة عن الحواسّ، و ارتاضت فيها و عرفتها حق معرفتها، و استبان لها أمر عالمها و مبدئها و معادها، و عاينت بعين البصيرة أحوال أبناء جنسها من السابقين الذين مضوا على سنن الهدى، و ارتقوا إلى ملكوت السماء و فسحة الأفلاك و سعتها، اشتاقت هي عند ذلك الصعود إلى هناك و اللحاق بأبناء جنسها، و لا يمكنها ذلك بهذا الجسد الثقيل إلا بتركها و مفارقتها إياه، و هو الموت، فلو لم يكن الموت لكانت ممنوعة من الوصول إلى هناك، فإذا الموت حكمة و نعمة و رحمة و فضل و رضوان من اللّه، عزّ و جلّ، للنفوس المخيّرة المستبصرة.

نام کتاب : رسائل اخوان الصفاء و خلان الوفاء نویسنده : اخوان صفا (مجموعة من المؤلفين)    جلد : 3  صفحه : 43
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست