responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : رسائل اخوان الصفاء و خلان الوفاء نویسنده : اخوان صفا (مجموعة من المؤلفين)    جلد : 3  صفحه : 366

لا أدري ما العلّة في أكل الحيوانات بعضها بعضا، و لا ما وجه الحكمة فيه! غير أنه قال: الباري الحكيم لا يفعل شيئا إلّا بحكمته. و منهم من قال:

بل لا حكمة فيه.

و كلّ هذه الأقاويل قالوها في طلبهم الحكمة و العلّة، و إنما لم يقفوا عليها، لأن نظرهم كان جزئيّا، و بحثهم عن علل الأشياء خصوصيّا، و ليس يعلم علل الأشياء الكليات بالنظر الجزئي، لأن أفعال الباري إنما الغرض منها النفع الكليّ و الصلاح العمومي، و إن كان قد نقص من ذلك ضرر جزئي و مكاره خصوصية، و ليس يعلم علل الأشياء الكليات أحيانا. و المثال في ذلك أحكام الشريعة النبوية و حدوده فيها، و ذلك لحكم القصاص في القتل.

قال تعالى: «وَ لَكُمْ فِي الْقِصاصِ حَياةٌ يا أُولِي الْأَلْبابِ» و إن كان موتا و ألما للذي يقتصّ منه، و كذلك قطع يد السارق منه نفع عمومي و صلاح الكل، و إن كان يناله حزن و ألم. و كذلك غروب الشمس و طلوعها، و الأمطار كان النفع منها عموميّا و الصلاح كلّيّا، و إن كان قد يعرض لبعض الناس و الحيوان و النبات من ذلك ضرر جزئي. و هكذا أيضا قد ينال الأنبياء و الصالحين و أتباعهم شدائد و جهد و آلام في إظهار الدين و إفاضة سنن الشريعة في أول الأمر. و لكن لما كان الباري تعالى غرضه في إظهار الدين و سنّة الشريعة هو النفع العام و صلاح الكل من الذين يجيئون من بعدهم إلى يوم القيامة، و لا يحصى عددهم و نفعهم و صلاحهم، سهّل في جنب ذلك و صغّر ما نال النبيّ من أذيّة المشركين، و جهاد الأعداء المخالفين، و ما لا قوه من الحروب و القتال في الغزوات، و تعب الأسفار، و قيام الليل، و صيام النهار، و أداء الفرائض، و ما فيها من الجهد على النفوس، و التعب على الأبدان.

و لما كان نزول الأمر في المنقلب إلى الصلاح العمومي و النّفع الكليّ، كانت الشدائد و الجهد و البلوى في جنبه أمرا صغيرا جزئيّا. فعلى هذا المثال‌

نام کتاب : رسائل اخوان الصفاء و خلان الوفاء نویسنده : اخوان صفا (مجموعة من المؤلفين)    جلد : 3  صفحه : 366
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست