و كل هذه الأفلاك متحركات حركات مستديرة مختلفة في السرعة و الإبطاء،
و الجهات المختلفة شرقا و غربا و جنوبا و شمالا و طولا و عرضا. و هكذا حكم حركات
الكواكب فإنها كلها أجسام كريّات مستديرات مضيئات بحر مستديرة مختلفة، كما بيّن في
المجسطي ببراهين هندسية عقلية ضرورية تدلّ هذه من أحوالها المختلفة الأشكال، من
الصّغر و الكبر و الإبطاء و السّرعة و غير ذلك، على أنها واقفة بقصد قاصد، و صنع
صانع، و جعل جاعل، و فعل فاعل حكيم قادر عالم.
و هكذا حكم الأركان الأربعة و مولّداتها من الحيوان و النبات و
المعادن، من اختلاف أحوالها، و فنون تصاويرها، و تغيّر أوصافها، تدل على أنها كلها
من صنع صانع حكيم، بصير قادر، و هو اللّه الواحد القهّار العزيز الغفّار.
فعند ذلك بطل قول المنجّمين فيما يدّعونه من تأثير الكواكب، قيام
الأدلّة بأنها مضطرّة مسخّرة، إذ المضطرّ لا فعل له، و الفعل لمن يضطرّه، و يبعد
عليه قدرته، و من تعدى هذا الحكم فقد ظلم، و لا يبعد اللّه إلّا لظالم قال بما لا
يعلم.