الدابة التي تديرها أو الماء، و هي سبب
الطحن؛ فمتى وقفت الدابة و انقطع الماء، سكنت الرّحى و عدم الطحن! فهكذا حكم الدولاب،
متى وقفت الدابة، سكن دوران الدولاب و عدم الاستقاء. و هكذا حكم الرياح و تحريكها
المراكب و السفن و المياه، فمتى سكنت الرياح، وقفت مراكب البحر عن السير، و سكنت
الأمواج. و هكذا أيضا مراكب الأنهار، و السماريّات[1]
في جريانها، متى توهم عدم الماء و وقوفها و جريان الأنهار، وقفت المراكب و
السماريّات و السفن واقفة عن الانحدار و الإصعاد[2].
و هكذا متى سكنت حركات قوائم الحيوانات ماتت، و هكذا متى سكنت حركات أبدانها و
أعضائها عن النّبض و التنفس ماتت و بطلت حياتها. و هكذا متى وقفت الكواكب السبعة
السيّارة في البروج عن دورانها، وقفت الأمور التي تحت عالم الكون و الفساد من
الحيوان و النبات عن حركاتها و تكوينها؛ يعرف حقيقة هذا من كان حاذقا بصناعة
النجوم و تكلّم عليها. و المثال في ذلك كرواحة متى وقفت عن الدوران سقطت بعد ما
كانت قائمة منتصبة عند حركاتها، فهكذا حكم العالم متى وقف الفلك المحيط عن
الدوران، وقفت الكواكب عن المسير و الحركات؛ و وقفت عند ذلك مجاري الليل و النهار
و الشتاء و الصيف، فيبطل عند ذلك الكون و الفساد، و يبطل نظام العالم، و تذهب
الخلائق، و تفارق النفس الكلية الجسم الكلّيّ، و تقوم القيامة الكبرى. و ذلك أن العالم
هو إنسان كبير، فإذا فارقت نفس العالم الجسم الكليّ فقد مات الإنسان الكبير و قد
قامت قيامته الكبرى، كما أن كل إنسان إذا فارقت النفس جسده فقد مات الإنسان الذي
هو عالم صغير و قد قامت قيامته، لأن القيامة قيامتان: قيامة كبرى و قيامة صغرى،
كما قال، عليه
[1] -السماريات: جمع سمارية، و هي ضرب من السفن
النهرية، و في الطبري السميريات.