الرسالة الثامنة من النفسانيات العقليات
في كمية أجناس الحركات (و هي الرسالة التاسعة و الثلاثون من رسائل إخوان الصفاء)
بسم اللّه الرحمن الرحيم الحمد للّه و سلام على عباده الذين اصطفى،
آللّه خير أمّا يشركون؟
اعلم، أيها الأخ، أنّا قد فرغنا من رسالة البعث و القيامة، و كنّا قد
بيّنا قبل ذلك ماهيّة الأجسام، و كمّيّة أنواعها؛ و بيّنّا أيضا أن الأجسام لا
تنفكّ من الحركة و السكون، و قد بيّنّا أن المحرّك و المسكّن للأجسام هي النفس، في
رسائلنا الطبيعيات و الإلهيات. و نريد الآن أن نبيّن، في هذه الرسالة، ماهيّة
الحركات، و كمّيّة أنواعها، و الجهات التي تتحرّك المتحركات إليها و فيها، فنقول:
أولا ما الحركة و ما السكون؟ و ذلك أن العلماء و الحكماء قد اختلفوا
في ماهيّة الحركة و السكون، و حقيقتهما، فمنهم من أثبتهما، و منهم من نفاهما و
قال: لا حقيقة لهما و لا معنى. و منهم من قال: إن الحركة لا تكون إلّا من حيّ
قادر. و منهم من قال: إنها هي الحياة نفسها. و يطول ذلك لو شرحنا اختلاف أقاويلهم
و احتجاجاتهم، و لكن نقول: