responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : رسائل اخوان الصفاء و خلان الوفاء نویسنده : اخوان صفا (مجموعة من المؤلفين)    جلد : 3  صفحه : 283

الحواسّ لها، بقيت تلك الرسوم و الصور المعشوقة المحبوبة مصوّرة فيها أعين النفوس الجزئية، صورة روحانية، صافية، باقية معها معشوقاتها، متحدة بها، لا تخاف فراقها و لا فواتها أبدا.

و الدليل على ما قلنا و صحة ما وصفنا معرفة من عشق يوما من أيام عمر لشخص من الأشخاص ثم تسلّى عنه، أو فقده، أو تغيّر عليه، ثم إنه وجده من بعده، و قد تغيّر عما كان عليه، و عهده من الحسن و الجمال و تلك الزينة و المحاسن التي كان رآها على ظاهر جسمه، فإنه متى رجع عند ذلك، فنظر إلى تلك الرسوم و الصّور التي هي باقية في نفسه منذ العهد القديم، وجدها بحالها تلك و لم تتغيّر، و لم تتبدّل، و رآها برمّتها، فتشاهد النفس في ذاتها حينئذ، من تلك المحاسن و الصور و الرسوم و الأصباغ، ما كانت من قبل تراها على غير تغيّر، و تجد في جوهرها ما كانت قبل ذلك تطلبه خارجا عنها. فعند ذلك تبين له و لم أن المعشوق و المحبوب بالحقيقة إنما هي تلك الرسوم و الصور التي كان يراها في ذلك الشخص، و هو اليوم يراها منقوشة في نفسه، مرسومة في جوهره، مصورة في ذاته، باقية لم تتغير! فإذا فكّر العاقل اللبيب فيما وصفنا، انتبهت نفسه من نوم غفلتها، و استيقظت من رقدة جهالتها، و استقلت بذاتها، و فازت بجوهرها، و استغنت عن غيرها، و كان حالها كما وصف المحب بقوله:

قد كنت آلف موطنا و تشوقني،

نحو الأحبّة، لوعة ما تنكر

و الآن ما لي مصدر عن موردي،

ما للعبيد عن الموالى مصدر

فاستراحت نفسه عند ذلك من تعبها و عنائها، و مقاساة صحبة غيرها، و تخلصت من السقام الذي لا يزال يعرض لعاشقي الأجرام، و محبي الأجسام، حسب ما وصفوه في أشعارهم، و شكوه من أحوالهم، كما قال بعضهم:

نام کتاب : رسائل اخوان الصفاء و خلان الوفاء نویسنده : اخوان صفا (مجموعة من المؤلفين)    جلد : 3  صفحه : 283
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست