responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : رسائل اخوان الصفاء و خلان الوفاء نویسنده : اخوان صفا (مجموعة من المؤلفين)    جلد : 3  صفحه : 279

و منها محبة البرّ و الإحسان، و ما يقال فيهما من المدح و الثناء، كأنه شي‌ء مجبول في طباع البشر، مركوز في نفوسهم، لما فيه من الحث على مكارم الأخلاق. و منها محبة أبناء الجنس و ما يسمّى العشق، و ما يصف العشّاق من أحوالهم و أحوال معشوقهم، و ما يجدون في نفوسهم من الأفكار، و الهموم و الأحزان، و الفرح و السرور، و النشاط، و ما يذكرون من الأخلاق الجميلة، و الطرائق الحميدة، و ما يذمّون من الأخلاق المذمومة، و الأحوال المرذولة، قالوا: لو لم يكن العشق موجودا في الخليقة، لخفيت تلك الفضائل كلّها، و لم تظهر، و لم تعرف تلك الرذائل أيضا! فقد بان و تبيّن، إذا بما ذكرنا، أن المحبة و العشق فضيلة ظهرت في الخليقة، و حكمة جليلة، و خصلة نفيسة عجيبة. ذلك من فضل اللّه على خلقه، و عنايته بمصالحهم، و دلالة لهم عليه، و ترغيبا لهم فيما أمر به من المزيد.

و اعلم يا أخي أن محبوبات النفوس و معشوقاتها مفنّنة، و هي بحسب مراتبها في العلوم، و درجاتها في المعارف. و ذلك أن النفس الشهوانيّة لا يليق بها محبّة الرئاسة و القهر و الغلبة، و لا النفس الحيوانية يليق بها محبّة العلوم و المعارف، و اكتساب الفضائل؛ و لا النفس الملكية يليق بها محبّة الأجساد و الكون مع الأجسام اللحميّة و الدموية، بل الذي يليق بها محبّة فراق الأجساد، و الارتقاء إلى ملكوت السماء، و السّيحان في سعة فضاء الأفلاك، و التّنسم من ذلك الرّوح و الرّيحان المذكور في القرآن.

و من أجل هذا الذي ذكرنا من مراتب النفوس و ما يليق بها من المعشوقات، أنّك لا تجد و لا ترى نفسا تحبّ و تعشق و تشتاق إلّا لأبناء جنسها، و ما شاكلها من المحبوبات و المعشوقات. مثال ذلك أنفس الصّبيان و الناقصين من الناس، فإنهم لا يحبون و لا يعشقون إلّا اللّعب و التماثيل المصوّرة و المزيّنة، المشاكلة لمرتبة نفوسهم، فإذا عقلوا و تعلّموا و ارتاضوا، ارتفعت هممهم و شغلت نفوسهم بغيرها مما هو أشدّ تحقيقا مما كانوا فيه. و هو الصورة من‌

نام کتاب : رسائل اخوان الصفاء و خلان الوفاء نویسنده : اخوان صفا (مجموعة من المؤلفين)    جلد : 3  صفحه : 279
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست