بالجنس و النوع، إذ كانت الأشخاص دائما في
السيلان. و الغرض من هذه كلها بعيد من أفكار أكثر العقلاء. و قد بيّنّا ذلك في
رسالة المبادي و رسالة البعث.
فصل في أنواع المحبوبات و ما الحكمة فيها
و اعلم يا أخي، أيدك اللّه و إيانا بروح منه، أن المحبة مفنّنة، و
المحبوبات كثيرة لا يحصي عددها إلّا اللّه، و لكنّا نذكر منها طرفا ليكون دليلا
على الباقية. فمن أنواع المحبوبات محبّة الحيوانات الازدواج و النّكاح و السّفاد، لما
فيه من بقاء النسل. و منها محبّة الأمّهات و الآباء للأولاد، و تحنّنهم على
الصغار، و تربيتهم لهم، و إشفاقهم عليهم، كأنها مجبولة في طباعهم، مركوزة في
نفوسهم، لشدّة حاجة الصغار إلى الكبار. و منها محبّة الرؤساء للرئاسات، و حرصهم
على طلبها و مراعاتهم لمرءوسيهم، و حفظهم لهم، و إشفاقهم عليهم، و محبّتهم للمدح و
الثناء و الشكر، كأنها مجبولة في طباعهم، مركوزة في نفوسهم. و منها محبّة الصّنّاع
في إظهار صنائعهم، و حرصهم على تتميمها، و شهوتهم لتحصيلها و تركيبها، كأنه شيء
مجبول في طباعهم، مركوز في نفوسهم، لشدّة حاجتهم إليها. و منها محبّة التجار
لتجاراتهم، و رغبة الراغبين في الدنيا، و حرصهم على الجمع و الادّخار لها و حفظها،
و محبة عمارة الأرض، و إصلاح الأمتعة و جمعها و حفظها، كأنه شيء مجبول في طباعهم،
مركوز في نفوسهم، لما فيه من الصلاح لغيرهم و من يأتي من بعدهم. و منها محبة
العلماء و الحكماء لاستخراج العلوم، و وصف الآداب، و تعليم الرياضات، و البحث عن
الغوامض، و الفحص عنها، و تدوينها في الكتب و الأدراج، أمّة بعد أمة، و قرنا بعد
قرن، كأنه شيء مجبول في طباعهم، مركوز في نفوسهم، لما فيه من إحياء النفوس، و
إصلاح الأخلاق، و صلاح الدين و الدنيا جميعا.