فمن كان منهم أذكى و أفهم و أنجب، عقل ذلك و تصوّرها، و تحقق و
استغنى عن سؤال لم و كيف. و من كان منهم دون ذلك في المرتبة خفي عليه و قصّر فهمه
عنه و توقف يتفكر و يتروّى في ذلك.
ثم عند ذلك سألوا أخوة لهم بالغين عاقلين عن هذه الحلاوة، فأجابوا
أنها عملها الحلواني. فقالوا: من الحلواني؟
فقالوا: صانع حكيم. فمنهم من فهم و عقل و صدّقهم. و منهم من خفي عليه
لغباوته، فكذّب و أنكر، إذ لم ير الحلواني قبل ذلك، و لا سمع بذكره.
ثم سأل أولئك الأخوة الصغار إخوانهم الكبار البالغين العقلاء: أ ترى
من أي شيء عمل الحلواني هذه العجائب؟ فأجابوهم أنه عملها من السّكّر و الدّهن و
النّشاء.
فمنهم من صدّقهم إذ كان موفّقا هادئا مؤيدا رشيدا. و منهم من كذّب و
أنكر، إذ لم يروا هذه الأشياء عيانا، و لم يعرفوها عقلا.
ثم قالوا: أرونا منها شيئا.
فقالوا لهم: لم يبق الصانع منها شيئا بل استعملها كلها.
فمنهم من كان موفقا فصدقهم، و منهم من كذّب و أنكر و لم يرشد.
ثم إنهم سألوهم: كيف عمل الحلواني هذه؟ قالوا: بنى الدبكدان، و أوقد
النار، و نصب الطّنجير[1]، و صبّ فيه
الدّهن، و طرح فيه السكر، و حرّكها بإسطام[2]،
و عقّدها بالنّشاء.