نسيم الهواء، فإذا أشرقت عليها الشمس نصف
النهار، جفّت؛ ثم تصبح من الغد مثل ذلك. و ترى هذا خاصة في أيام الربيع في أكثر
المواضع.
و من الكائنات الحادثة عن هذه الحركة، في هذه المدة المذكورة، كون
بعض الحيوانات الناقصة الخلقة، الضعيفة البنية، كالديدان و البق و البراغيث التي
تتولد من العفونات، و في الزّبل و السماد و الرّوث و جثة الجيف و ما شاكلها، فإذا
أصابها أدنى حرّ من الشمس أو برد من الهواء، هلكت.
و بالجملة فكل كائن عن هذه الحركة التي تستأنف الدور في كل أربع و
عشرين ساعة مرة واحدة، و كل حادث عنها من أشخاص الحيوانات و النبات الناقص الخلقة،
الضعيف البنية، فإنها لا تبقى سنة تامة، لأنه يهلكها إما حرّ الشمس في الصيف، أو
برد الشتاء. و قد بيّنا علّتها في رسالة الحيوان و النبات.
و ما دامت هذه الحركة محفوظة في الفلك، فإن صورة هذه الكائنات عنها،
الحادثات في هذا العالم، تكون موجودة في الهيولى، و متى وقف الفلك فسد النظام، و
بطل الكون، و ذلك كائن لا محالة إذا بلغت النفس الكلية أقصى غرضها؛ لأن الغرض هو
غاية سبق إليها الوهم، و من أجل البلوغ إليها يفعل الفاعل فعله؛ و إذا بلغ إليه
قطع الفعل.
فصل
ثم اعلم يا أخي أن دوران الفلك أكرم الأفعال و أشرفها، فغرض فاعله
أيضا أشرف الأغراض و أكرمها، كما بيّنّا في رسالة البعث و القيامة.
و من الحركات السريعة، القصيرة الزمان، القريبة الاستئناف، ما يكون
في كل شهر مرتين، و هي حركة مركز فلك تدوير القمر في الفلك الحامل، في كل أربعة
عشر يوما، مرة واحدة. و في هذه المدة يكون القمر مقبلا بوجهه الممتلىء من النور
نحو مركز الأرض- يعرف حقيقة ما قلنا أهل الصناعة