الذين يعرفون علم ما في المجسطي. و الذي
يتبع هذه الحركة من الحوادث و الكائنات في هذا العالم كثرة الرّبوّ و الزيادة في
الأشياء، و سرعة النشوء في الأشياء المبتدئة الحادثة من الحيوان، و النبات، و
المعادن، و الزيادة أيضا في المدود و الرطوبات و الأنداء- يعرف ذلك أهل التجارب، و
العلماء المتيقظون المتفكرون في الآفاق، المعتبرون أحوال الموجودات. و في النصف
الثاني من الشهر يدور هذا المركز في الفلك الحامل مرة أخرى، و لكن يكون القمر
مولّيا بوجهه الممتلىء من النور عن مركز الأرض، نحو فلك عطارد، يدور القمر في
الفلك الحامل مرة واحدة في هذه المدة. و الذي يحدث، عن هذه الحركة، في هذه المدة،
في هذا العالم، الذبول و الهزال و النقصان في الأشياء النامية، و النضج و الجفاف و
اليبس في الأشياء البالغة إلى التمام من الحبّ و الثمر- يعرف صحة ما قلنا أهل
الصّناعة المتقدّم ذكرهم. و في هذه المدة عن هذه الحركة يتكوّن بعض الجواهر
المعدنية كالملح و الكمأة و أمثالهما.
و اعلم يا أخي أن الكمأة نبات معدني، و الملح معدن نباتي، كما بيّنّا
في رسالة المعادن. و في هذه المدّة أيضا عن هذه الحركة قد يتمّ كون بعض النبات و
يبلغ و ينتفع به كالبقول. و في هذه المدّة أيضا قد يتمّ كون بعض الحيوانات كالطيور
و دود القز و زنابير النحل، فإن أكثرها تتمّ خلقته في أربعة عشر يوما، و يخرج بعد
واحد و عشرين يوما، و يتولى في ثمانية و عشرين يوما و يخرج.
و هذه المدّة هي مقدار مسير القمر من يوم الحضانة إلى يوم الخروج، من
البرج الذي كان فيه، إلى البرج التاسع الذي هو بيت النّقلة و السفر. فينتقل من هذه
الحيوانات الكائنة من حال إلى حال في هذه المدة. و ما دامت هذه الحركة محفوظة في
الفلك، فصور هذه الكائنات موجودة في الهيولى في هذا العالم، و إليها أشار، جلّ
ثناؤه، فقال: «وَ الْقَمَرَ قَدَّرْناهُ مَنازِلَ حَتَّى عادَ