responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : رسائل اخوان الصفاء و خلان الوفاء نویسنده : اخوان صفا (مجموعة من المؤلفين)    جلد : 3  صفحه : 239

أجل هذا نسبوا كلّ ما يظهر من الأفعال و الصنائع و العلوم و الحكم على أيدي البشر باختياراتهم، و ما يظهر من الحيوانات من الأفعال الطبيعية، إلى الجسم المؤلّف من اللحم و الدم على بيّنة مخصوصة؛ و إلى أعراض حية فيها بزعمهم مثل الحياة و القدرة و العلم و ما شاكلها، و لا يدرون أن مع الجسد جوهرا آخر هو المحرّك له و المظهر به و منه أفعاله.

فأما الذي يظهر في الأجسام من الأفعال الطبيعية التي لا يمكنهم أن ينسبوها إلى الحيوان، مثل إحراق النار لأجسام الحيوان و النبات، و مثل ما يستحيل في أجوافها من الغذاء إلى الرّوث و السّرقين‌[1]، و مثل ما يظهر في طباعها من السرور و ما شاكله من الأفعال الطبيعية، فنسبوها كلّها إلى الباري، جلّ ثناؤه، و منهم من نزّه الباري، سبحانه، عن ذلك، و نسبها إلى البخت و الاتّفاق. و منهم من نسبها إلى الطبيعة، و لا يدري ما الطبيعة. و منهم من يعلّلها بعلل مستمرّة. و وقع بينهم في ذلك من التنازع و التناقض ما يطول شرحه.

و أما الحكماء و النّجباء الراسخون في العلم فإنهم شاهدوا بصفاء نفوسهم، و نور عقولهم، جواهر أخر غير جسمانية، علّامة بقوتها، سارية في الأجسام بلطافتها، فعّالة فيها برويّتها، هي جند اللّه و لبّ الخليقة، فنسبوا هذه الأفعال الطبيعية إليها، و نزّهوا الباري، سبحانه، عنها، إلّا ما يليق به من الحكمة و السياسة و التدبير.

و اعلم يا أخي أن الحكماء الذين عرفوا الجواهر الرّوحانيّة إنما وصلوا إلى معرفتها بعد اعتبار حال الجسم و الأعراض التي تحلّه. و ذلك أن الجسم من حيث هو جسم ليس بفاعل و لا متحرّك بل هيولى، منفعل، قابل للصورة و الأعراض الحالّة فيه، و كذلك الأعراض التي تحلّ الجسم لا فعل‌


[1] -الروث: سرقين الفرس و كل ذي حافر. السرقين: الزبل.

نام کتاب : رسائل اخوان الصفاء و خلان الوفاء نویسنده : اخوان صفا (مجموعة من المؤلفين)    جلد : 3  صفحه : 239
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست