واحد منها أيضا صورة في الجسم المطلق كما
بيّنّا في رسالة الكون و الفساد.
و الجسم المطلق أيضا صورة في الهيولى الأولى كما بيّنّا في رسالة
الهيولى.
و الهيولى الأولى هي صورة روحانية فاضت من النفس الكلية. و النفس
الكلية أيضا هي صورة روحانية فاضت من العقل الكلي الذي هو أول موجود أوجده الباري،
عز و جل، كما بيّنّا في رسالة المبادي العقلية. فقد بان لك بهذا المثال أن
الموجودات كلّها صور متعلقة حدوثها و بقاؤها يتلو بعضها بعضا، إلى أن تنتهي إلى
المبدع الأول الذي هو الباري، عز و جل، كتعلق حدوث العدد أزواجه و أفراده عن
الواحد الذي قبل الاثنين. و اعلم يا أخي أن هذه الصور، كلّ واحدة منها مقوّمة
لشيء، إما جوهرية له متمّمة لشيء آخر، أو عرضية له. و الفرق بينهما أن الصورة
الجوهرية المقوّمة للشيء هي التي إذا انخلعت عن الهيولى بطل وجدان الشيء.
و الصورة العرضية المتممة هي التي إذا انخلعت عن الهيولى لم يبطل
وجدان الهيولى. مثال ذلك أن الخياطة هي صورة مقوّمة لذات القميص، جوهرية له، لأنها
بها يكون الثوب قميصا، و متمّمة للثوب عرضية فيه. بيان ذلك أنه إذا انخلعت الخياطة
عن الثوب بطل وجدان القميص، و لم يبطل وجدان الثوب. و هكذا النّساجة صورة في الثوب
جوهرية و مقوّمة له، و عرضية في الغزل و متمّمة له. فإذا انسلّت صورة الثوب التي
هي النّساجة بطل وجدان الثوب و لم يبطل وجدان الغزل. و هكذا الفتل في الغزل صورة
جوهرية مقوّمة لذات الغزل، و عرضية متمّمة لذات القطن. فإذا نكث[1]
الغزل من إبرامه، بطل وجدان القطن. و هكذا صورة الزئبر[2]
جوهرية في القطن، مقوّمة له، عرضية في النبات، متممة له، فإذا بطل الزئبر بطل
وجدان القطن، و لم يبطل وجدان الجسم النباتي. و هكذا إذا