بعد الفلك؛ و كما أن التسعة ترتّبت بعد
الثمانية، كذلك الموّلدات ترتّبت بعد الأركان؛ و كما أن التسعة آخر مرتبة الآحاد،
كذلك الموّلدات آخر مرتبة الموجودات الكلّيات و هي المعادن و النبات و الحيوان.
فالمعادن كالعشرات؛ و النبات كالمئين، و الحيوان كالألوف، و المزاج كالواحد.
و قالوا: العدد كلّه أزواج و أفراد و صحيح و كسور، فمراتب الموجودات
التي في عالم الأرواح بطبيعة الأفراد أشبه؛ و مراتب الموجودات التي في عالم
الأجساد بطبيعة الأزواج أشبه؛ و مراتب الموجودات التي في عالم الأفلاك بطبيعة
الأعداد الصحيحة أشبه؛ و مراتب الموجودات التي في عالم الكون و الفساد بطبيعة
الأعداد الكسور أشبه.
فصل
اعلم، أيدك اللّه و إيانا بروح منه، أن الوجود متقدّم على البقاء، و
البقاء متقدّم على التمام، و التمام متقدّم على الكمال، لأن كل كامل تامّ، و كلّ
تام باق، و كلّ باق موجود. و لكن ليس كلّ موجود باقيا، و لا كلّ باق تامّا، و لا
كل تامّ كاملا. و ذلك أن الباري، جلت أسماؤه، الذي هو علّة الموجودات و مبدعها و
مبقيها و متمّها و مكمّلها، أول فيض فاض منه الوجود، ثم البقاء، ثم التمام، ثم
الكمال. و قد بيّنّا في الرسالة التي ذكرنا فيها خواصّ العدد الفرق بين التمام و
الكمال فاعرفه من هناك، إن شاء اللّه.