و أما الأشياء الرباعيّة فمثل الطبائع
الأربع التي هي الحرارة و البرودة و الرطوبة و اليبوسة، و مثل الأركان الأربعة
التي هي النار و الهواء و الماء و الأرض، و مثل الأخلاط الأربعة التي هي الصفراء و
الدم و البلغم و السوداء؛ و مثل الأزمان الأربعة التي هي الربيع و الصيف و الخريف
و الشتاء؛ و مثل الجهات الأربع التي هي المشرق و المغرب و الشّمال و الجنوب؛ و
الأوتاد الأربعة التي هي الطالع و الغارب و وتد الأرض و وتد وسط السماء؛ و مراتب
الأعداد التي هي الآحاد و العشرات و المئون و الألوف. و على هذا القياس إذا
اعتبرت، وجدت أشياء كثيرة مخمّسات و مسدّسات و مسبّعات، بالغا ما بلغ. و قد توغلت
المسبّعة[1] في الكشف
عن الأشياء السّباعية، فظهر لهم منها أشياء عجيبة، فشغفوا بها و أطنبوا في ذكرها،
و أغفلوا ما سوى ذلك من المعدودات. و كذلك أيضا الثّنوية[2]
أطنبوا في الكشف عن الموجودات الثنائية، فظهر لهم منها أشياء عجيبة، فشغفوا بها و
أغفلوا ما سوى ذلك من الموجودات. و هكذا النصارى في التثليث و المثلّثات، و هكذا
الطبيعيون أطنبوا في الطبائع الأربع و المربّعات من الأمور، و هكذا الخرّمية[3] أطنبوا في المخمّسات من الأمور، و
أهل الهند أيضا أطنبوا في المتّسعات من أمور العدد و المعدودات.
[1] -المسبعة أو السبعية: فرقة من غلاة الشيعة ذهبوا
إلى أن النطقاء بالشريعة سبعة و هم آدم و نوح و إبراهيم و موسى و عيسى و محمد و
محمد المهدي سابع النطقاء. و بين كل اثنين من النطقاء سبعة أئمة. و لا بد في كل
شريعة من سبعة يقتدى بهم.
[2] -الثنوية: مذهب المانوية نسبة إلى مؤسسه ماني، و هو
مذهب فارسي أتى مصدقا للمذهب الزرادشتي متفقا معه على ان في الكون إلهين اثنين
احدهما إله النور و الخير و هو النهار، و الآخر إله الظلام و الشر و هو الليل.
[3] -الخرمية: جماعة اباحية ثارت على الخلافة العباسية
في جبال ارمينية و اذربيجان، فروعت البلاد، و نشرت مذهبها الذي يدعو الى استباحة
النساء و الأموال، حتى قضت عليها جيوش المعتصم سنة 836 م.