عظيم ينصبّ إلى وهدة تحت الأرض فغاص به،
فأتاه عامر النهر و كان يسكن ذلك الموضع، فقال: ما تفعل في هذا المكان الذي لا يقع
فيه أحد إلّا غرق و هلك؟
فقال: أنا الذي تركت الطريق الواضح و المحجّة اللائحة التي فيها
النجاة و السلامة، و وقعت في هذه المهلكة من أجل لذة يسيرة و شهوة حقيرة.
فقال له: هلّا خلّيت ما في يدك و نجوت بنفسك! فقال: الطمع مني في
السلامة و الفوز بما كنت حدّثت به نفسي.
فقال: إنك جاهل، و ما أرى أحدا أولى منك بالغرق! فوضع يده على رأسه
فغرّقه. فإذا تفكرت يا أخي في هذه الأمثال و الإشارات، و قرأت على إخواننا، أيّدهم
اللّه، كان ذلك ذكرى لك و لقومك، و نعوذ بالله أن تكون ممن تنطبق عليه هذه القصة،
و لا أحد من إخواننا، و لكن اتباعا لقول اللّه تعالى حيث يقول لرسوله: «فذكّر فإن
الذكرى تنفع المؤمنين».
فصل
و قد حكي أن بعض ملوك الهند لما دنت وفاته، و كان مسلما قد أحضر ولدا
له قد كان أهلا للملك بعده و لم يكن له ولد سواه، و قد علّمه شيئا من الحكمة و
عرّفه شيئا من سياسة الملك. فقال له: يا بني أوصيك بتقوى اللّه و طاعته و خشيته و
مراقبته في أمر دنياك بعشر خصال تنتفع بها في الآخرة: أولها و أولاها الإقرار
بالتوحيد و الابتهال إليه بالدعاء و التضرّع بالليل و النهار. و الثانية الإقرار
برسله و تصديقهم و القبول منهم. و الثالثة التصديق بالكتب المنزلة من عنده عليهم.
و الرابعة حفظ الناموس و سياسة الناس. و الخامسة التواضع للّه و ترك الفخر. و
السادسة ترك الظلم و الجور،